الخميس، 28 نوفمبر 2013

خطبة الجمعة: مفهوم الجماعة ونعمة الاتحاد

الخطبة الأولى : أيها المسلمون من المقاصد الشرعية التي جاءت نصوص الدين بتأكيدها الاجتماع والوحدة والنهي عن التفرق والاختلاف، قال تعالى : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) ، وقال سبحانه(وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) ، ومن السنة ما رواه الترمذي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم : عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ وَهُوَ مِنْ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ، مَنْ أَرَادَ بُحْبُوحَةَ الْجَنَّةِ فَلْيَلْزَمْ الْجَمَاعَةَ " وحذر من مفارقة الجماعة والاختلاف فقال : مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَة َ قِيدَ شِبْرٍ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ " فشبه الإسلام بالربقة وهي الحبل يوضع حول عنق الدابة يقودها ويحفظها، فإذا فارق الرجل الجماعة فقد ترك حدود الإسلام وأحكامه.

أيها المسلمون: إن الجماعة التي حثنا على لزومها شرعنا الإسلامي ونهانا عن التفرق عنها قد بينها النبي صلى الله عليه وسلم، فهي جماعتان، الأولى  هي الكتاب السنة وملازمتهما وعدم الإعراض عنهما، وهذه الجماعة هي أساس كل اتفاق، ومخالفتها أساس كل افتراق، قال ابن تيمية رحمه الله : ولست تجد اتفاقا وائتلافا إلا بسبب اتباع آثار الأنبياء من القرآن والحديث وما يتبع ذلك، ولا تجد افتراقا واختلافا إلا عند من ترك ذلك وقدم غيره عليه "

وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم هذا المعنى للجماعة فقال : وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَتَفْتَرِقَنَّ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، فوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ" قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ هُمْ؟ قَالَ: "الْجَمَاعَةُ"  وفي رواية : "ما أنا عليه اليوم وأصحابي " ، قال ابن تيمية: فوصف الفرقة الناجية بأنهم المستمسكون بسنته وأنهم هم الجماعة"

وأما المعنى الآخر للجماعة فهو لزوم إمام المسلمين وحاكمهم وولي أمرهم، قال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَمَاتَ فَمِيتَةٌ جَاهِلِيَّةٌ " البخاري ومسلم.  قال النووي: أي على صفة موتهم من حيث هم فوضى لا إمام لهم " والمراد بالمفارقة كما نقله ابن حجر : هو السعي في حل البيعة التي حصلت لذلك الأمير ولو بأدنى شيء، فكنى بمقدار الشبر لأن الأخذ في ذلك يؤول إلى سفك الدماء بغير حق" .

وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم هذه المعاني للجماعة في بعض أحاديثه، فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في وصيته لأصحابه وأمته من بعده: "أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى بَعْدِي اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ "

فأمر صلى الله عليه وسلم بتقوى الله ولزوم سنته وهديه وهدي الصحابة من بعده وحذر من البدع والمحدثات، وهذا هو المعنى الأول للجماعة، ثم أمر وحث على السمع والطاعة لولي أمر المسلمين، وهذا هو المعنى الثاني للجماعة، فكانت وصيةً جامعةً منه عليه الصلاة والسلام لأمته.

أيها المسلمون: إن في التزام أمر النبي صلى الله عليه وسلم بلزوم الجماعة نجاة وعصمة من الانحراف، مع ما يحققه ذلك من مقاصد عظيمة في الدين والدنيا، ومن هذه المقاصد تحقيق العبودية لله تعالى، وذلك باتباع الكتاب والسنة والعمل بما فيهما، وهذا هو المقصد الأعظم من وجود الخليقة، ومن المقاصد أيضا حفظ الأمن والاستقرار في المجتمع، فينزع الخوف، ويسود العدل، فيعطى كل ذي حق حقه، ومن مقاصد لزوم الجماعة حفظ الأعراض من أن تنتهك، والأموال من أن تنتهب، والأنفس من تسفك دماؤها، والعقول من أن تزول أو تطيش.

 ومن تأمل التاريخ الغابر، والزمن الحاضر الذي خرجت فيه فئام من الناس عن  أمر النبي صلى الله عليه وسلم بلزوم الجماعة بمعنييها، رأى تهاوي هذه المقاصد رأي عين، فانشغل الناس بالثورات عن العلم والعبادة والذكر وقراءة القرآن وصار همهم متابعة الأخبار والقنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي وقراءة الصحف ، وسفكت الدماء فقتل الأطفال والنساء والشيوخ، وانتهكت أعراض المسلمين، وصودرت أموالهم ونهبت، وطاشت عقولهم، كل ذلك لأنهم خالفوا الأمر النبوي بلزوم الجماعة وعدم مفارقتها، وتحقق فيهم قوله صلى الله عليه وسلم " مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ قِيدَ شِبْرٍ، فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةِ اْلإسْلاَمِ مِنْ عُنُقِهِ" فضيعوا حدود الله باسم المطالبة بالحريات المكبوتة، فأوكلهم الله إلى أنفسهم فوقعوا في الذل والهوان مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم: " وجعل الذل والصغار على من خالف أمري"

فعليكم أيها المسلمون بلزوم الجماعة التي أمركم بها نبيكم، فتمسكوا بسنته وهديه، واحذروا البدع والمحدثات، واسمعوا وأطيعوا لولاة أمركم، ولا تشقوا عصا الطاعة، روى الإمام مسلم في صحيحه قول النبي صلى الله عليه وسلم: " مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ، وَخَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ فَمَاتَ فَمِيتَتُهُ جَاهِلِيَّةٌ، وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي بِسَيْفِهِ فَيَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا لَا يَتَحَاشَى مُؤْمِنًا لِإِيمَانِهِ، وَلَا يَفِي لِذِي عَهْدٍ بِعَهْدِهِ، فَلَيْسَ مِنْ أُمَّتِي، وَمَنْ قُتِلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِلْعَصَبِيَّةِ، أَوْ يُقَاتِلُ لِلْعَصَبِيَّةِ، أَوْ يَدْعُو إِلَى الْعَصَبِيَّةِ، فَقِتْلَتُهُ جَاهِلِيَّةٌ"
 

الخطبة الثانية : أيها المسلمون من نعم الله علينا أن وحد الله بين هذه الإمارات السبع، تحت راية واحدة، وحاكم واحد، فجُمِع الشمل، وتآلفت القلوب، وقوية الشوكة، وهابها العدو، وتبوأت مكانا عليا، وأفاض الله عليها من الخيرات فعاش الناس في رغد وخير عميم، وأمن واستقرار، وصحة وعافية، كل ذلك بفضل الله تعالى المنعم، ثم بفضل مؤسس هذا الاتحاد الشيخ زايد بن سلطان، رحمه الله تعالى وأسكنه الجنة، وبفضل إخوانه الحكام الذين بذلوا ما يستطيعون لرفعة هذا البلد وسعادة أهله .

وبفضل الله تآلفت القلوب بين الراعي والرعية، فأحب الناس ولاة الأمر في هذه البلاد، وأقبل ولاة الأمر على الرعية يجالسونهم ويمدون يد العون لهم، وفي ذلك يقول صلى الله عليه وسلم: " خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ "
أيها المسلمون: هذه النعم تحتاج إلى شكر منا حتى تدوم وتزيد، وقد قال تعالى :" وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ  " ، والشكر أولا إنما هو لله تعالى وذلك بالإقرار بهذه النعم في قلوبنا وعدم جحدها، ثم التحدث بها وعدم إنكارها، ثم العمل بشرع الله تعالى ولزوم هديه، فإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.

ثم الشكر لولي أمرنا الشيخ خليفة وذلك بالسمع والطاعة له، والسعي إلى جمع الكلمة وتوحيد الصف، ونبذ كل ما يفرق المسلمين، ويزرع التفرق والتباغض بينهم.

ومِنْ واجباتِ الوفاءِ لِمَنْ أَسَّسُوا الاتحادَ وأَرْسَوْا دعائِمَهُ أَنْ نذْكُرَهُمْ بالدعاءِ، ونَخُصَّهُمْ بالذِّكْرِ والشُّكر والعِرفانِ، قال صلى الله عليه وسلم: " لَا يَشْكُرُ النَّاسَ مَنْ لَا يَشْكُرُ اللَّهَ، وَمَنْ لَا يَشْكُرُ فِي الْقَلِيلِ لَا يَشْكُرُ فِي الْكَثِيرِ، وَإِنَّ حَدِيثًا بِنِعْمَةِ اللَّهِ شُكْرٌ وَالسُّكُوتَ عَنْهَا كُفْرٌ، وَإِنَّ الْجَمَاعَةَ رَحْمَةٌ، وَالْفُرْقَةَ عَذَابٌ "

عباد الله: ليس من شكر نعمة الاتحاد ما يفعله البعض في هذه الأيام من طريقة خاطئة في التعبير عن حبهم للوطن عبر مخالفتهم لشرع الله ولأنظمة الدولة، مما أدى إلى وقوع حوادث أليمة، وإصابات بالغة، كل ذلك تحت شعار حب الوطن.

يظهر ذلك جليا في ما يفعله الشباب من الذكور والإناث في المسيرات التي يكثر فيها تبرج النساء ورقصهن ومعاكسات الشباب وميوعتهم، وتلويث الشوارع بالنفايات، وإزعاج الآخرين بالضوضاء، خصوصا من أصحاب السيارات المخالفة التي تزود بأجهزة تضخم الصوت وتثير الضجيج .

أما عَلِمَ أولئكَ أنَّ التعبيرَ عن الولاء لهذا الوَطَنِ يَكْمُنُ في التَّضْحِيَةِ لأجلِهِ، والتعاونِ على الخَيرِ مع ولاةِ أمْرِه، والبذلِ والتَّضحيةِ والعَطاءِ -كلٌّ في مجالِهِ-؛ وذلك في سبيلِ تطويرِ وَطَنِنا الغالي وتَنْمِيَتِه .

فلنسع للقضاء على هذه الظواهر السلبية، ولنتعاون مع الجهات الرسمية على القضاء عليها، ولنظهر بمظهرنا الإسلامي، وعاداتنا الوطنية، من السماحة والتواضع وعدم التكبر والله يقول : " وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ "

 
 
 

الخميس، 14 نوفمبر 2013

فضل العلم والقراءة

الخطبة الأولى : اعلموا رحمني الله وإياكم أن الله سبحانه مدح العلم وأهله وحث عباده على طلبه والتزود منه، فالعلم من أفضل الأعمال الصالحة، قال الإمام أحمد رحمه الله ( العلم لا يعدله شيء لمن صحت نيته قالوا : كيف ذلك ، قال ينوي رفع الجهل عن نفسه وعن غيره )، ولأجل ذلك جاء الأمر للنبي صلى الله عليه وسلم بطلب الازدياد منه فقال تعالى : "وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا" قال ابن القيم " وكفى بهذا شرفا للعلم أن أمر نبيه أن يسأله المزيد منه" ، وجعل الله الرفعة لطالب العلم في الدارين فقال سبحانه : " يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ " وهذه الرفعة في الدنيا بسمو المنزلة وعلو الشأن بين الناس ورفعة الآخرة في درجات الجنة، وروى أحمد ومسلم أَنَّ نَافِعَ بْنَ عَبْدِ الْحَارِثِ لَقِيَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بِعُسْفَانَ، وَكَانَ عُمَرُ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى مَكَّةَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَنِ اسْتَخْلَفْتَ عَلَى أَهْلِ الْوَادِي؟ قَالَ: اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْهِمُ ابْنَ أَبْزَى. فقَالَ: وَمَا ابْنُ أَبْزَى؟ فَقَالَ: رَجُلٌ مِنْ مَوَالِينَا – وهو العبد المعتق-. فَقَالَ عُمَرُ: اسْتَخْلَفْتَ عَلَيْهِمْ مَوْلًى! – مستنكرا- فَقَالَ: إِنَّهُ قَارِئٌ لِكِتَابِ اللهِ، عَالِمٌ بِالْفَرَائِضِ قَاضٍ، فَقَالَ عُمَرُ: أَمَا إِنَّ نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ: " إِنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ " ، ومما ورد من الأخبار في رفعة العالم على غيره في الدنيا ما ذُكر في كتاب سير أعلام النبلاء أنه قَدِمَ الرَّشِيْدُ الرَّقة، فَانْجَفَلَ النَّاسُ خَلْفَ ابْنِ المُبَارَكِ، وَتَقَطَّعَتِ النِّعَالُ، وَارتَفَعَتِ الغَبَرَةُ، فَأَشرَفَتْ أُمُّ وَلَدٍ لأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ مِنْ بُرْجٍ مِنْ قَصْرِ الخَشَبِ، فَقَالَتْ: مَا هَذَا? قَالُوا: عَالِمٌ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ قَدِمَ. قَالَتْ: هَذَا -وَاللهِ- المُلْكُ، لاَ مُلْكَ هَارُوْنَ الَّذِي لاَ يَجْمَعُ النَّاسَ إِلاَّ بِشُرَط وَأَعْوَانٍ.

وهذا العلم – إخواني في الله- لا يتحصل إلا بطلبه وتعلمه وقد قال صلى الله عليه وسلم: " إِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ، وَإِنَّمَا الْحِلْمُ بِالتَّحَلُّمِ، وَمَنْ يَتَحَرَّ الْخَيْرَ يُعْطَهُ، وَمَنْ يَتَّقِ الشَّرَّ يُوقَهُ " ففي طلب العلم شرف كبير وأجر عظيم قال صلى الله عليه وسلم:" مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَبْتَغِي فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضَاءً لِطَالِبِ الْعِلْمِ" ، وهذا نبي الله موسى عليه السلام لم يمنعه مقامه في النبوة والرسالة من طلب العلم ، ففي الصحيحين قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بَيْنَمَا مُوسَى فِي مَلَإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إذ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: هَلْ تَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْكَ؟ " قَالَ مُوسَى: لاَ، فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى مُوسَى: بَلَى، عَبْدُنَا خَضِرٌ، فَسَأَلَ مُوسَى السَّبِيلَ إِلَيْهِ ... " فرحل إليه ولما لقيه قال له في أدب : " هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا "  ، قال ابن عباس رضي الله عنها: لو كان أحد يكتفي من العلم لاكتفى منه موسى عليه السلام لما قال : " هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا "

ومن طرق طلب العلم وتحصيله القراءة من الكتب، فالقراءةَ هيَ الطريقُ الموصلةُ إلَى اكتسابِ العُلُومِ، والتزوُّدِ مِنَ المعارفِ، وقَدْ حازَتْ فِي الإسلامِ منازلَ الشرَفِ العظيمةَ، ونَالَتْ مَراتِبَ الفضْلِ الجليلةَ، فكانَ الأمْرُ بالقراءةِ هوَ البدايةُ لرسالةِ الإسلامِ، والكلمةُ الأُولَى التِي نزَلَ بِهَا القرآنُ الكريمُ، قالَ تعالَى : "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ"
وأعظم أنواع القراءة النافعة تلاوةُ آيات القرآن وتدبُّرُها؛ فإذَا قرأَ المسلمُ القرآنَ الكريمَ مُخْلِصاً في ذلك لله تعالى، حظِيَ بالثوابِ العظيمِ، وارتقَتْ منزلتُهُ فِي جناتِ النعيمِ، قَالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : (يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ وَارْقَ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا). وقد أنثى الله عز وجل في كتابه على من يتلو كتاب الله عز وجل ووعدهم بالأجر العظيم فقال تعالى "إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ "

والمسلم لا يمل ولا يشبع من تلاوة كتاب ربه سبحانه، لأنه يهديه للتي هي أقوم، وبه حياة قلبه، ونجاته في الدارين، قال ابن القيم: "فالقلب الطاهر لكمال حياته ونوره وتخلصه من الأدران والخبائث لا يشبع من القرآن ولا يتغذى إلا بحقائقه ولا يتداوى إلا بأدويته بخلاف القلب الذي لم يطهره الله تعالى فإنه يتغذى من الأغذية الفاسدة التي تناسبه بحسب ما فيه من النجاسة )

وأفضل التلاوة ما رافقها تدبر وتفكر في المعاني، قال تعالى : "كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ" ، قال ابن القيم في بيان فضيلة القراءة بتدبر: "فلا شيء أنفع للقلب من قراءة القرآن بالتدبر والتفكر... فلو علم الناس ما في قراءة القرآن بالتدبر لاشتغلوا بها عن كل ما سواها ...، فقراءة القرآن بالتفكر هي أصل صلاح القلب"
ومما يعين على التدبر للمعاني قراءة كتب تفسير القرآن، فهي تكشف المعاني، وتجلي المقاصد الربانية، في آياته ومعانيه، وتطلع القارئ على فوائد القصص القرآنية، ومن أفضل كتب التفسير التي ينصح بها المسلم كتاب : تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للشيخ عبد الرحمن السعدي، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير.
فأقبلوا على قراءة كتاب ربكم، وتعلموا معانيه، تكونوا من أهل الخير والفلاح في الدارين.
 

الخطبة الثانية : عباد الله العلم فضل من الله على العبد يؤتيه من شاء من عباده قال تعالى : " وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا " وقال صلى الله عليه وسلم : من يرد الله به خيرا يفقه في الدين" ، والعالم العابد خير وأحب إلى الله من العابد الجاهل قال صلى الله عليه وسلم: " وَفَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ " ، وهذا الفضل للعالم إنما كان بمعرفته لربه، وهذا يتم من خلال العلم بأسماء الله وصفاته، فيقرأ العبد كتب الاعتقاد الصحيحة المبنية على الدليل من الكتاب والسنة وأقوال السلف الصالح رحمهم الله.

ومما يعين العبد على العبادة الصحيحة المقبولة أن يقرأ كتب السنة وشرحها كالصحيحين وكتب السنن والمسانيد ليتعرف على هدي النبي صلى الله عليه وسلم في العبادة، ويعلم أقواله وأفعاله وتقريراته فيعمل بها ، وعلى المسلم أن يهتم بكتب الفقه فيطلع على أحكام العبادات من الأركان والشروط والواجبات والمستحبات، ويعرف مبطلات العبادة، وأسباب الإعادة، وهذا لا يتحصل للمسلم إلا بقراءة كتب الفقه المعنية بذلك .

كما يعتني المسلم بكتب السيرة النبوية ليعرف حياة النبي صلى الله عليه وسلم وأيامه وغزواته، ومن الكتب المختصرات في السيرة كتاب الفصول في سير الرسول لابن كثير، وكتاب الرحيق المختوم.

كما يهتم المسلم بقراءة كتب السلف رحمهم الله من القرون المتقدمة ففيها علم غزير، قال ابن الجوزي : وعليكُم بملاحظةِ سِيَرِ السلفِ ومُطالعةِ تصانيفِهِم وأخبارِهِم، فالاستكثارُ من مطالعةِ كُتُبِهِم رؤيةٌ لهم"

أخي المسلم: اعتن بأبنائك في مجال القراءة واختر لهم من الكتب ما يناسب مستواهم وأعمارهم، وتفقدهم في ذلك .

وليحذر المسلم من قراءة كتب الأفكار المنحرفة والآراء الضالة لأنها تضر ولا تنفع، ككتب أهل البدع والانحراف في الشريعة، قال ابن مفلح الحنبلي في الآداب الشرعية: " وَيَحْرُم النَّظَر فِيمَا يُخْشَى مِنْهُ الضَّلَال وَالْوُقُوع فِي الشَّكِّ وَالشُّبْهَة، وَنَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى الْمَنْع مِنْ النَّظَر فِي كُتُبِ أَهْلِ الْكَلَام وَالْبِدَع الْمُضِلَّة وَقِرَاءَتِهَا وَرِوَايَتِهَا"
 وكذلك يحذر المسلم من الكتب التي تحتوي تكفير المسلمين والدعوة إلى تفريق صفهم، والكتب الحزبية التي تقعد للأحزاب،  وكذلك المجلات التي تحتوي على الصور الخليعة وأخبار أهل الفسق والمجون.

إخواني في الله : ومما يعين على القراءة بمختلف أنواعها في زماننا الأجهزة الذكية التي انتشرت بين الناس، حتى قلَّ من يخلو جيبه من إحداها، فهي تحتوي على برامج للقراءة يمكن للمسلم أن يستفيد منها .


واسأل أخي المسلم من تثق فيه من العلماء وطلبة العلم عن الكتب المفيدة النافعة، وطريقة التدرج في القراءة، وإذ أشكل وصعب عليك شيء فارجع إلى أهل الاختصاص كما قال تعالى : "فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ"  .

فاغرِسُوا عبادَ اللهِ حُبَّ القراءةِ النافعةِ فِي أبنائِكُمْ، وكونُوا فِي ذلكَ الأُسوةَ الحسنةَ لَهُمْ، وخَصِّصُوا للقراءةِ نَصيباً مِنْ أوقاتِكُمْ، واجعَلُوا للكُتُبِ المفيدةِ قيمةً فِي بُيُوتِكُمْ، ووطِّنُوا أنفُسَكُمْ علَى حُبِّهَا واحترامِهَا ومُطالعَتِهَا، فبِالقراءةِ يزدادُ العلمُ، ويتغَذَّى العقلُ، ويحيَا القلبُ، وتسعَدُ الجوارحُ، وتشمَخُ الأوطانُ، وتعْلُو الراياتُ .




الاثنين، 4 نوفمبر 2013

وقفات مع مقال ( د) سيف العصري : دماج (مؤازرة .. إنصاف .. موضوعية)

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
أما بعد ..

فلقد اطلعت على ما كتبه د سيف العصري على صفحته في الفيسبوك بعنوان : (دماج : مؤازرة .. إنصاف .. موضوعية)

فوجدت مقاله مخالفا للعنوان من كل وجه، فلا لمعنى فيه لمؤازرة المسلم تجاه عدوه الكافر أو الفاجر المتفق على انحرافه عن طريق الإسلام وهم الشيعة الرافضة، ولا يوجد فيه إنصاف لأنه حشاه بما يحمله ضد السلفيين من كره وبغض وضغينة، ولا توجد فيه موضوعية لأنه لم يحقق فيه الإنصاف بداية، ثم ذكر سلبيات كل من الفريقين دون أن يتطرق لجانب الإيجابيات ، وهذا مخالف في مجال النقد عند أهل النقد من الموضوعيين .
وسأقف مع الدكتور وقفات لأبين للقارئ حقيقة هذه المؤازرة وهذا الإنصاف وهذه الموضوعية المدعاة من قبله في مقاله المذكور .

الوقفة الأولى : حقيقة المؤازرة عند (د)

لا بد أن يعلم المسلم أن مؤازرة المسلم لأخيه المسلم حق وواجب عليه تجاه من ظلمه، وهذا من مقتضيات عقيدة الولاء والبراء المبنية على أصل الأخوة الدينية التي أساسها دين الإسلام ، قال تعالى : "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ "
وقد قال تعالى في بيان وجوب مؤازرة المسلم لأخيه المسلم في الشدائد : " وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ "
وقال صلى الله عليه وسلم وهو يقرر هذا المبدأ " المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره "
ونصرة المؤمن تكون بأمور منها :
معاونته على عدوه بالسلاح والقتال والمال ، أو بتقديم النصيحة له، أو بمنعه من الخطأ والظلم.
ولا أعلم أبدا أن مؤازرة المسلم لأخيه المسلم في حربه مع أعداء الملة الذين يتفق ( د) معنا أنهم أهل إلحاد وظلم وبغض للإسلام والمسلمين، بأن يطعن في صفهم ويظهر عوارهم ويكشف سوءاتهم ، ويصفهم بأشنع البدع والمخالفات، التي توجب العقوبة والتعزير.
إن كان هذا يسمى مؤازرة فهو للعدو على المسلم !!

لقد قدمت يا (د) للعدو مساعدة عظيمة بفضح إخوانك من أهل ( دماج) .

فإن قال لك حوثي : لم تنكر علي هجومي على دماج وأهلها على الرغم مما ذكرته من بدعهم ومخالفاتهم، بل أنا مؤدب لهم ، بل ربما أنا عقوبة من الله عليهم .

لاستطاع إلجامك وإفحامك، ولما قدرت على رد شبهته، ولا الجواب على اعتراضه.

ثم إن  ( د) لم يبين نوع المؤازرة التي سيقدمها لإخوانه من أهل دماج سوى أن قال : (تأخذ فوق يديه. لتمنعه من الظلم )

فأقول : إننا نتحدث عن موقف معين وهو اعتداء جيش الرافضة المحاد لله ولرسوله ولدين الإسلام على طائفة من أهل الإسلام وهم أهل دماج.

فأقول لـ (د) : من الظالم ومن المظلوم ؟

أليس الظالم هو الرافضة ، والمظلوم هم : أهل دماج ؟

وهذا هو الذي أقررت به في آخر مقالك حيث قلت : " وما يحصل في دمَّاج ظُلمٌ بلا اختلاج، فإنهم فئةٌ قَلَّ ناصرهم، وخفَّ سلاحهم، وخصمهم مِنْ إيران مدعوم، ويملك من السلاح ما هو معلوم، ومِنَ الحقد ما هو ظاهرٌ غيرُ مكتوم، فوجب دفع الظلم"

إذا ما هو الظلم الذي ستمنع منه أهل دماج ؟

وما هو دخل ما تحمله من ضغينة تجاههم وتجاه السلفيين في حكمك على واقعة معينة؟
هل هذا هو الإنصاف والموضوعية والمؤازرة يا : (د)
 


الوقفة الثانية : حقيقة الإنصاف عند (د) .

حقيقة الإنصاف مع المخالف أن لا تجعل من أصحابك ومذهبك الذي تعتقده وتميل إليه معيارا على الحق وميزانا له، تعادي من خالفه، وتوالي من وافقه لمجرد موافقته ومخالفته، بل الميزان هو الحق المبني على الكتاب والسنة والإجماع والقياس الصحيح، وأقوال السلف من الصحابة والتابعين وتابعيهم، فهم أولى الناس بالحق، بتزكية الله ورسوله لهم.
وقد نهانا ربنا سبحانه عن أن تكون العداوة سببا لمجانبة الإنصاف والعدل قال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى "

ولكن يا (د) هل من الإنصاف أن تذكر عيوب إخوانك وتنتقص منهم وتصفهم بأبشع الصفات، وأقبح السمات، وهم في حرب ضد أهل الإلحاد والظلم ؟

هل من الإنصاف يا (د) أن تكيل لهم هذه التهم دون أن تذكر إيجابياتهم من مناصرة الإسلام في جوانب العقيدة والحديث واللغة والفقه ؟

لقد صرت لهم عدوا ثانيا تحاربهم بلسانك وقلمك ، وصرت للحوثيين مساندا ومؤازرا ضد أهل دماج تحت شعار : الإنصاف . 

أليس الإنصاف عندكم يا أهل الموضوعية في النقد أن توازن بين الإيجابيات والسلبيات؟
ألم تستدل بحديث (أما إنه قد صدقك وهو كذوب) ؟

فهذا يلزمك أن تذكر إيجابياتهم كما ذكرت سلبياتهم ، أم أنهم أشر من الشيطان في وجهة نظرك فلا يستحقون أن تذكر حسناتهم مع ما ذكرته من قبيح سيئاتهم ؟!!
 


الوقفة الثالثة : حقيقة الموضوعية عند ( د)

قال في مقاله : (لا ننجرف في حين نُصرة المظلوم إلى كَيْلِ المديح، وقول ما ليس بصحيح)
هذا معيار عجيب جدا وغريب في نصرة المظلوم، وأعجب منه استدلالك بالحديث.
أين هو المظلوم في قوله صلى الله عليه وسلم: " ما إنه قد صدقك وهو كذوب"
هل كان الشيطان مظلوما  حين قال النبي صلى الله عليه وسلم مقولته تلك ؟

من قال أن الموضوعية في نصرة أخي المسلم ضد الملحد الظالم أن أُذَكِر عدوه بسلبياته وسيئاته وأكشف عن عوراته وأفصحه أمام الملأ ؟

أليست هذه الموضوعية يا ( د) إنما تكون في النقد الموضوعي، وليس في مجال نصرة المؤمن تجاه عدوه ؟

انظر كيف حملك بغضك للسلفيين إلى خلط الأوراق بعضها ببعض، حتى أنك أقحمت هذا النقد اللاذع تحت مسمى المؤازرة ، فكأنك تقتنص الفرص لتظهر غيظك تجاههم وبأي طريقة كانت .
 


الوقفة الرابعة: والدعاوى ما لم يقيموا عليها بينات أصحابها أدعياء .

لقد كال (د) التهم القاسيات، والمثالب المخزيات في مقاله تجاه أهل دماج وهو في معرض مؤازرتهم ضد عدوهم بلا دليل ولا برهان ، فمن ذلك :
1 - على غير الصراط
2 - وأنهم فارقوا الحق في قضايا كليات
3 -  وأنَّهم منكرون لحجيَّة الإجماع والقياس
4 - مخالفون لسائر الناس
5 - لَمْ يسلم أحدٌ من تبديعهم
6 - متطاولون على أئمة الإسلام
7 - مخالفون لهم في كثير من الأحكام
8 - وأنهم في مسائل الاعتقاد واقعون فيما حَقه الانتقاد
9 – لا يمثلون أهل السنة ولا الطائفة المنصورة

أقول : نعم المؤازرة لإخوانك في دماج يا (د)  !!

ولو ناقشتك في كل رزية ذكرتها لطال المقال ، ولكنه ما في نفسك تجاه السلفيين يظهر جليا في مؤازرتك لهم ، وكل إناء بما فيه ينضح .

 
والخوارج الذين خرجوا على عثمان رضي الله عنه إنما ذكروا المثالب والسيئات كما اعتقدوها هم، وسولها لهم الشيطان فأصمهم وأعمى أبصارهم، حتى قادهم حقدهم الأعمى إلى قتال أمير المؤمنين وقتله وهو يقرأ القرآن تقربا إلى الله ؟

فما هو الفرق بينك وبينهم ؟

والعجيب أن (د) لما أراد أن يذكر مثالب الروافض - بناء على الموضوعية والإنصاف المدعى- ذكر أقل مما ذكره في أهل دماج من المثالب والعثرات !!

فهل معنى ذلك أن أهل دماج أشر وأكثر انحرافا من الرافضة !!


وأخيرا : أتمنى من (د) أن يتقي الله في نفسه وما يكتب وليعرضه على ميزان الشرع المبني على فهم السلف الذين زكاهم الله ورسوله ، وليس على ميزان الولاء والبراء لعقيدته وطريقته التي يسلكها .

وأما أهل دماج فلا أعلم عنهم ومن خلال قراءتي لكتبهم وسماعي لأشرطتهم إلا أنهم من أهل السنة والجماعة، وإن حصل من بعضهم مجانبة للصواب فلا يعمم خطؤه على أهل دماج وعلى مركز الإمام مقبل الوادعي رحمه الله الذي شهد له الأئمة –كالألباني وابن باز وابن عثيمين وغيرهم- بالعلم والفضل، بل ينكر الخطأ ويبين الصواب ، وهذه هي حقيقة الموضوعية والإنصاف الصحيح .

وفق الله الجميع  لما يحيه ويرضاه