الخميس، 27 فبراير 2014

خطبة جمعة : من أخلاق المسلم - الستر -

الخطبة الأولى : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الإِنْسَانَ وَكَرَّمَهُ، وَأَسْجَدَ لَهُ مَلاَئِكَتَهُ وَنَعَّمَهُ، وَأَحْسَنَ تَصْوِيرَهُ وَرَزَقَهُ، وَأَمَرَهُ بِسَتْرِ عِرْضِهِ وَبَدَنِهِ، وَهَيَّأَ لَهُ مَا يَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتَهُ وَيُوَارِي سَوْءَتَهُ، قَالَ تَعَالَى:" يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً" فَالسَّتْرُ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي امْتَنَّ بِهَا عَلَى الإِنْسَانِ، وَبِهِ يَشْرُفُ قَدْرُهُ، وَتَعْلُو مَنْزِلَتُهُ، وَهُوَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ الْعَلِيِّ الْقَدِيرِ، فَرَبُّنَا جَلَّ فِي عُلاَهُ يُحِبُّ السَّتْرَ إِذْ وَصَفَهُ رسولنا صلى الله عليه وسلم  بأنه حَييٌّ سِتِّيرٌ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَيِيٌّ سِتِّيرٌ، يُحِبُّ الْحَيَاءَ وَالسَّتْرَ) والستير: هو الساتر الذي يستر على عباده، ولا يفضحهم في المشاهد، على ما يفعلونه من المعاصي والآثام، فيستحي من هتكهم وفضيحتهم وإحلال العقوبة بهم، بل يقيض لهم من أسباب الستر ويوفقهم للندم والتوبة ويعفو عنهم ويغفر لهم قال تعالى : "أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ "

ومن ستر الله على عبده قول نبينا صلى الله عليه وسلم:« إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُدْنِي الْمُؤْمِنَ، فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ، وَيُقَرِّرُهُ بِذُنُوبِهِ، وَيَقُولُ لَهُ: أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ قَدْ هَلَكَ قَالَ: فَإِنِّي قَدْ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَإِنِّي أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ. ثُمَّ يُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ»

أيها المسلمون : السَّتْرُ فَضِيلَةٌ وَأَدَبٌ وَسِمَةٌ مِنْ سِمَاتِ الأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:« إِنَّ مُوسَى كَانَ رَجُلاً حَيِيًّا سِتِّيراً، لاَ يُرَى مِنْ جِلْدِهِ شَىْءٌ، اسْتِحْيَاءً مِنْهُ) ، وَكَانَ مِنْ دَأْبِ النَّبِيِّ r أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى قَائِلاً:( اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي، وَآمِنْ رَوْعَاتِي) فهذا الدعاء فيه طلب الستر من الله عز وجل، والمراد بالعورات عيوب الإنسان وتقصيره وكل ما يسوؤه ويدخل في ذلك الحفظ من انكشاف العورة .
وَكَانَ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ يَنْهَى الْمُؤْمِنِينَ عَنِ النَّظَرِ إِلَى عَوْرَاتِ الآخَرِينَ فَيَقُولُ :« لاَ يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ، وَلاَ الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ»، وكذلك لا يجوز أن ينظر الرجال إلى عورات النساء ، ولا النساء إلى عورات الرجال.

ولأجل ذلك حثت شريعتنا النساء على لبس الحجاب الشرعي، لأنه يحقق الستر للمرأة، ويحفظها من أعين الطامعين، قال تعالى :" يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا"

عِبَادَ اللَّهِ: ومن الستر سَتْرُ الْعَوْرَاتِ، وَسَتْرُ الْعَثَرَاتِ، وَكِتْمَانُ الْخَطَايَا وَعَدَمُ نَشْرِ الزَّلاَتِ، فيَسْتُرَ الإِنْسَانُ عَلَى عُيُوبِهِ وَمَعَاصِيهِ، فَلاَ يُجَاهِرُ وَلاَ يُفَاخِرُ بِهَا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:« كُلُّ أَمَّتِي مُعَافًى إِلاَّ الْمُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ الْمَجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلاً، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ، فَيَقُولَ: يَا فُلاَنُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ» ، فَالْمُجَاهِرُ بِالذَّنْبِ مُجْتَرِئٌ عَلَى اللَّه تَعَالَى، فَكَأَنَّهُ يَقُولُ: هَا أَنَا أَعْصِي الإِلَهَ وَلاَ أَخْشَاهُ، وَأَفْعَلُ مَا أَشَاءُ وَأَتَمَنَّاهُ.

وَالْمَجَاهَرَةُ بِالذَّنْبِ -يَا عَبْدَ اللَّهِ-  دَعْوَةٌ لِلآخَرِينَ لِيَسْلُكُوا مَسْلَكَ الْمُذْنِبِينَ، فَيُقتَدي بهم في فعل الفواحش والمنكرات، فَيَكُونَ عَلَى الْمُجَاهِرِ إِثْمُهُ وَإِثْمُ مَنْ تَبِعَهُ وَقَلَّدَهُ، وَلِذَلِكَ كَانَتْ عُقُوبَةُ الْمَجَاهَرَةِ بِالذَّنْبِ عَظِيمَةً، قال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً، فَعُمِلَ بِهَا، كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا، وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا لَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا"

وَمَنِ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ تَعَالَى لِنَفْسِهِ وَسَتَرَ عَلَى زَلاَّتِهِ حَفِظَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مِنَ الْفَضِيحَةِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :( لاَ يَسْتُرُ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ فِي الدُّنْيَا إِلاَّ سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)



الخطبة الثانية: أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ، وَالنَّاسُ مُعَرَّضُونَ لِلْخَطَإِ وَالْخَلَلِ، وَالضَّعْفِ وَالزَّلَلِ، وَخَيْرُ النَّاسِ مَنْ سَتَرَ عَلَى عِبَادِ اللَّهِ تَعَالَى، وَغَضَّ الطَّرْفَ عَنْ زَلاَّتِهِمْ، وَقَوَّمَ أَخْـــطَاءَهُمْ بِالنُّصْـــــحِ وَلَمْ يَفْضَحْهُمْ، قَالَ رَسُـــــــولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :« مَنْ سَتَرَ مُسْلِماً سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ» ، فالستر مِنْ شِيَمِ الْمُؤْمِنِينَ وَعِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ.

وَإِنَّ مِنْ شِرَارِ النَّاسِ مَنْ سَعَى فِي نَشْرِ أَسْرَارِ غَيْرِهِ وَإِعْلاَنِ مَسَاوِئِهِ، وَقَدْ حَذَّرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ عَاقِبَةِ أَقْوَامٍ قَعَدُوا يَتَرَبَّصُونَ أَخَطَاءَ غَيْرِهِمْ وَيَحْصُونَ عَلَيْهِمْ عُيُوبَهُمْ بلا سبب شرعي يدعو لذلك، قَالَ صلى الله عليه وسلم: ( يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُفْضِ الإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ، لاَ تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ وَلاَ تُعَيِّرُوهُمْ وَلاَ تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ)

ومن شرار الناس كذلك من ينشر سر بيته وأهله، قال صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ شَرَّ اَلنَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اَللَّهِ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ ; اَلرَّجُلُ يُفْضِي إِلَى اِمْرَأَتِهِ وَتُفْضِي إِلَيْهِ , ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا" ، وأخص ما يجب ستره العلاقة الزوجية فلا يجوز نشرها والكلام عنها مع الأصحاب .

أخي المسلم: وَإِنْ كُنْتَ مِمَّنْ يَقْصِدُكَ النَّاسُ لِعِلاَجٍ أَوْ مَشُورَةٍ أَوْ نُصْحٍ أَوْ تَوْجِيهٍ فَيُفْضُونَ إِلَيْكَ بِمَا عِنْدَهُمْ مِنْ عُيُوبٍ وَمُشْكِلاَتٍ، أَوْ ذُنُوبٍ وَزَلاَّتٍ، فَعَلَيْكَ أَنْ تَحْفَظَ عَلَيْهِمْ أَسْرَارَهُمْ، وَلاَ تَذْكُرْهَا عِنْدَ غَيْرِهِمْ، لأَنَّهُ مِنْ هَتْكِ الأَسْتَارِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمَجَالِسُ بِالْأَمَانَةِ» وقال عليه الصلاة والسلام: "إِذَا حَدَّثَ الرَّجُلُ ثُمَّ الْتَفَتَ فَهِيَ أَمَانَةٌ " والأمانة لا يجوز تضييعها، وحفظها من صفات المؤمن، قال تعالى : "وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ"

عباد الله : اعلموا رحمكم الله أنه يجب ذكر من انحرف عن الشرع بأن ابتدع بدعة وأحدث في دين الله ما ليس منه، ببيان الخطأ والرد عليه، حماية لدين الله تعالى، ولا يعتبر ذلك من الغيبة المذمومة، بل فاعل ذلك مأجور إن اخلص النية، فحرمة الدين أعظم من حرمة الأشخاص إذا هم انتهكوا حرمة الدين، قال الحسن البصري : ليس لصاحب بدعة ولا لفاسق يعلن بفسقه غيبة " وقيل لأحمد بن حنبل: الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع؟ فقال: إذا قام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه، وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين، هذا أفضل" ، وقال ابن تيمية: " أَئِمَّةُ الْبِدَعِ مِنْ أَهْلِ الْمَقَالَاتِ الْمُخَالِفَةِ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَوْ الْعِبَادَاتِ الْمُخَالِفَةِ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ فَإِنَّ بَيَانَ حَالِهِمْ وَتَحْذِيرَ الْأُمَّةِ مِنْهُمْ وَاجِبٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ "

    

الخميس، 20 فبراير 2014

خطبة :من صفات المتقين

الخطبة الأولى : جماعة المسلمين لقد أمر الله عباده بالتقوى فقال : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ " وبين عظم الجزاء لمن اتقى فقال : "تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا" ، ومن دخل الجنة فقد فاز قال تعالى "فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ" ، وقد ذكر الله في القرآن صفات المتقين الذين سيحوزون هذا الفضل العظيم، فينبغي للعاقل أن يتدبر هذه الصفات ويعمل بها لتكون طريقا يسلكه إلى رضوان ربه سبحانه وتعالى ونيل رحمته .

فمن صفات المتقين قول ربنا سبحانه وتعالى : " ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " فالمتقون يجمعون بين الإيمان والاعتقاد الصحيح من الإيمان بالغيب وبالرسل وما أنزله الله عليهم من كتب والإيمان باليوم الآخر وما يكون فيه من أحداث جسام، وبين العمل بالجوارح فيقيمون الصلاة كما أمرهم ربهم وينفقون مما رزقهم الله تعالى سرا وعلانية.

ومن صفات المتقين قول ربنا سبحانه وتعالى : " وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ،الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ،وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ"

فمن صفات المتقين أنهم ينفقون أموالهم للسائل والمحروم في حال عسرهم ويسرهم، وإذا حصل لهم أذية من غيرهم توجب غيظهم بما يدفعهم للانتقام بالقول أو الفعل، كظموا غيظهم ولم يعملوا بمقتضى الطباع البشرية، وَذَلِكَ هُوَ مُنْتَهَى الْحِلْمِ وَالْكَرَمِ، وَغَايَةٌ فِي تَحَمُّلِ الأَلَمِ وَالتَّغَاضِي عَنِ اللَّمَمِ، كُلُّ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وكظم الغيظ مع القدرة على إنفاذه هو الشجاعة الحقيقة قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:« لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِى يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ» ، وَثَمَرَةُ كَظْمِ الْغَيْظِ الْعَفْوُ عَنِ النَّاسِ أَجْمَعِينَ، وَهُوَ مِنَ الصِّفَاتِ الْكَرِيمَةِ لِلْمُتَّقِينَ التي ينالون بها درجة الإحسان في الدين ، وَانْظُرْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَيْفَ عَفَا عَمَّنْ أَسَاءَ الأَدَبَ مَعَهُ، بَلْ وَأَحَسَنَ إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم وَأَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِىٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِىٌّ فَجَبَذَهُ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الْبُرْدِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ. فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ضَحِكَ، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ"

فَمَا أَعْظَمَ خُلُقَ الْعَفْوِ وَأَكْرَمَهُ، وَمَا أَجْدَرَنَا أَنْ نَتَخَلَّقَ بِهِ مَعَ زَوْجَاتِنَا وَأَبْنَائِنَا وَأَرْحَامِنَا وَجِيرَانِنَا، وَمَعَ كُلِّ مَنْ حَوْلَنَا لِنَحْظَى بِشَرَفِ النِّسْبَةِ لِلْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ يَعْفُونَ عَنْ عِبَادِ اللَّهِ أَجْمَعِينَ قال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ، إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ "

  
الخطبة الثانية : جماعة المسلمين : من صفات عباد الله المتقين أنهم " إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ"  فإِذَا ارْتَكَبُوا مَعْصِيَةً مِنَ الْمَعَاصِي صغيرة أو كبيرة  تَذَكَّرُوا جَلاَلَ اللَّهِ تَعَالَى وَعَظَمَتَهُ، فَأَقْلَعُوا عَنْ ذُنُوبِهِمْ، ولم يصروا عليها بل َتَابُوا إِلَى رَبِّهِمْ، وَطَلَبُوا الْعَفْوَ عَمَّا صَدَرَ مِنْهُمْ .

ثم ذكر الله الجزاء العظيم لمن اتصف بهذه الصفات فقال:  أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ "

جماعة المسلمين : ومن صفات المتقين التي ذكرها الله في القرآن قول ربنا سبحانه:"وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ "  فمن صفاتهم الوفاء بالعهود سواء مع الله سبحانه بالإيمان به وتوحيده وفعل الطاعات، أو كانت مع الخلق.

ومن صفاتهم الصبر في البأساء وهي حالة الفقر، لأن الفقير يحتاج إلى الصبر  على ما يتحصل في قلبه من الآلام بسبب حاجته وقلة ذات يده، وما يراه في يد غيره ولا يقدر على الحصول عليه. ويصبرون كذلك في حالة الضراء وهي المرض حيث يضعف البدن ويتألم، خصوصا إذا تطاول زمنه واشتدت علته.

ويصبرون كذلك حين البأس وهو وقت القتال ضد الأعداء الذين أمر بقتالهم، فلا يفر ويوليهم دبره، بل يقدم راجيا ثواب الله تعالى وتحقيق النصر للإسلام.

فإن اتصفوا بذلك فقد أثبتوا صدق إيمانهم وكانوا من المتقين حقا قال سبحانه : " أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ "


فلنسع رحمكم الله إلى التحلي بهذه الصفات والسجايا، لعل الله سبحانه أن يجعلنا من المتقين الفائزين برضوان الله ورحمته . 

الخميس، 6 فبراير 2014

خطبة : حسن الخلق - آداب التعامل مع برامج التواصل الاجتماعي -

الخطبة الأولى : أيها المسلمون : روى الترمذي عن أَبي هريرة - رضي الله عنه- ، قَالَ : سُئِلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أكثرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ ؟ قَالَ : (( تَقْوَى اللهِ وَحُسنُ الخُلُقِ )) . ففي هذا الحديث يدلنا نبينا صلوات الله وسلامه عليه على أكثر الأسباب الموجبة لدخول الجنة وهما تقوى الله تعالى بعبادته، وحسن الخلق مع الناس.

وفي ذلك بيان لأهمية الاتصاف بمحاسن الأخلاق مع الناس، بل لن ينجوَّ أحدٌ يومَ القيامةِ حتى يأتي بالأمرين معا، وهما عبادةُ اللهِ سبحانهُ وتعالى كما أمرَ، بفعلِ أمرهِ واجتنابِ نهيهِ وتصديقِ خبره، مع الاتصاف بمحاسن الأخلاق قولا وعملا . دل على ذلك ما رواه الترمذي عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ ؟. قَالُوا الْمُفْلِسُ فِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ لاَ دِرْهَمَ لَهُ وَلاَ مَتَاعَ. فقال رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : الْمُفْلِسُ مِنْ أُمَّتِى مَنْ يَأْتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاَتِهِ وَصِيَامِهِ وَزَكَاتِهِ وَيَأْتِى قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيَقْعُدُ فَيَقْتَصُّ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْتَصَّ مَا عَلَيْهِ مِنَ الْخَطَايَا أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِى النَّارِ )

فهذا الصنف من الناس الذين ذكرهم النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث أصحاب عبادة لله فقد أقبلوا على الله بصلاة وصيام وزكاة، ولكنهم قصروا في جانب حسن التعامل مع الآخرين،فكان الجزاء يوم القيامة قصاص بين الحسنات والسيئات، ثم طرح في النار .

جماعة المسلمين : إذا أدى المسلم العبادة على الوجه الصحيح فإنها تورثه حسن الخلق مع الناس ولا بد، فإن ذلك من آثارها، فمن ذلك الصلاة فمن حافظ على شروطها وأركانها وأداها كما أُمر أثرت في سلوكه وطريقة تعامله مع الناس، قال تعالى " وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ" ، وروى الطحاوي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قِيلَ لِلنَّبِيِّ رضي الله عنه: إِنَّ فُلَانًا يُصَلِّي اللَّيْلَ كُلَّهُ , فَإِذَا أَصْبَحَ سَرَقَ . فَقَالَ: " سَيَنْهَاهُ مَا تَقُولُ "

 ومن العبادات ذات الأثر البالغ في سلوك المسلم الزكاة، فإذا أخرجها طيبة بها نفسه، وأعطاها لمستحقها، كان لها الأثر الحسن في سلوكه قال تعالى " خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا "، قال أهل التفسير: أي تنميهم وتزيد في أخلاقهم الحسنة .

ومن العبادات ذات الأثر البالغ في تقويم السلوك والتربية على حسن التعامل عبادة الصوم، والمقصود به الصوم الشرعي الذي أمر الله به وليس مجرد الامتناع عن الطعام والشراب، قال صلى الله عليه وسلم: وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ ، فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ ، أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّى امْرُؤٌ صَائِمٌ) .

إخوة الإسلام:  إن الاتصاف بمحاسنِ الأخلاق مظهر من مظاهر الإسلام وتحقيق لأساس من أسس كمال الإيمان، يقول صلى الله عليه وسلم : ((أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا ، أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا ، وَخِيَارُهُمْ خِيَارُهُمْ لِنِسَائِهِمْ)).قال ابن القيم رحمه الله: الدين كله خلق، فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الدين)

كما أن الالتزام بمحاسن الأخلاق سببٌ في رفع الدرجة وعلوِّ المكانة وسموّ القدر، قال صلى الله عليه وسلم: ((أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِى رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا وَبِبَيْتٍ فِى وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا وَبِبَيْتٍ فِى أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسُنَ خُلُقُهُ))

والمؤمن بحسن خلقه قولا وفعلا منهجا وسلوكا أخذا وإعطاءً يدرك منازلَ السعداء الفائزين والعاملين المجاهدين، قال صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنْ شَيءٍ يُوضَعُ فِي المِيزَانِ أَثْقَلُ مِنْ حُسْنِ الخُلُقِ ، وَإِنَّ صَاحِبَ حُسْنِ الْخُلُقِ لَيبلُغُ بِهِ دَرَجَةَ صَاحِب الصَّومِ، وَالصَّلاةِ». والتخلق بمحاسن الأخلاق سبب لنيل الخير في الدنيا والآخرة قال صلى الله عليه وسلم (مَنْ أُعْطِيَ حَظَّهُ مِنْ الرِّفْقِ فَقَدْ أُعْطِيَ حَظَّهُ مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَصِلَةُ الرَّحِمِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ وَحُسْنُ الْجِوَارِ يَعْمُرَانِ الدِّيَارَ وَيَزِيدَانِ فِي الْأَعْمَارِ"

والاتصاف بمحاسن الأخلاق سببٌ عظيم لمرافقة النبي صلى الله عليه وسلم في الآخرة، فرسولنا صلوات الله وسلامه عليه يقول: (( إِنَّ مِنْ أَحَبّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْم الْقِيَامَة أَحَاسِنكُمْ أَخْلَاقًا))


الخطبة الثانية : أيها المسلمون: إن مفهوم محاسن الأخلاق مفهومٌ واسع وشامل في نظر الإسلام،فمن الأصول الجامعة في بيان محاسن الأخلاق في الإسلام: أنها بذل المعروف وكفّ الأذى قولاً كان ذلك أو فعلاً. والقاعدة العامة في الخلق الإسلامي هي التخلُّق بأخلاق الشريعة والتأدُّب بآداب الله التي أدّب بها عباده، عن عائشة رضي الله عنها أن سعد بن هشام سألها فقال: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْبِئِينِي عَنْ خُلُقِ رَسُول اللَّهِ رضي الله عنه. قَالَتْ:أَلَسْتَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ ؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَتْ: فَإِنَّ خُلُقَ نَبِيِّ اللَّهِ كَانَ الْقُرْآنَ.

ومن الآيات التي فيها جماع الأخلاق قوله تعالى :"خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ "  ، قال ابن تيمية-رحمه الله-: وهذه الآية فيها جماع الأخلاق الكريمة، فإن الإنسان مع الناس إما أن يفعلوا معه ما يحب أو ما يكره، فأمر أن يأخذ منهم ما يحب ما سمحوا به، ولا يطالبهم بزيادة، وإذا فعلوا معه ما يكره أعرض عنهم، وأما هو فيأمرهم بالمعروف) ، وفي هذا المعنى يقول أبو أيوب السختياني رحمه الله- : ( لا ينبل الرجل حتى تكون فيه خصلتان: العفة عما بأيدي الناس، والتجاوز عما يكون منهم"

فعلى المسلم المجاهدةُ في تهذيب أخلاقه وتقويمها، قال عليه الصلاة والسلام: ((إنما العلم بالتعلم، والحِلم بالتحلم، ومن يتحرّ الخير يُعطه، ومن يتوقَّ الشرَّ يوقه)) وكان صلى الله عليه وسلم يدعو الله أن يحقق له الخلق الحسن يقول عليه الصلاة والسلام في دعائه: اللَّهُمَّ اهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ واصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ))  .

عباد الله : في هذه الأزمان يكثر اختلاط الناس مع بعضهم البعض، بسبب ما يسر الله لهم من وسائل الانتقال والاتصال، فعلى المسلم أن يتحلى بحسن الخلق في تعامله مع من يخالط أو يتحدث أو يكاتب، فتحلى بحسن الخلق في حضرك وسفرك، في عملك وطريقك، حتى في كتابتك في برامج التواصل الاجتماعي كتويتر وفيسبوك ونحوها، بل حتى في ردك على أهل الباطل لا بد أن تتحلى بحسن الخلق، وإن أساؤوا في قولهم أو كتابتهم، فربنا يقول : "خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ" ، واحذر أخي المسلم من السباب واللعن فإنه ليس من صفات المسلم قال صلى الله عليه وسلم: :«لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ، وَلاَ اللَّعَّانِ، وَلاَ الْفَاحِشِ، وَلاَ الْبَذِيءِ»

ومن حسن الخلق في التعامل مع برامج المحادثات الاجتماعية عدم نشر الصور المحرمة، أو محاولة انتهاك أعراض المسلمين والمسلمات، قال صلى الله عليه وسلم: فإن الله حرم عليكم دماءكم وأموالكم وأعراضكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا "
ومَن نَشرَ الصورَ أو الأفلامَ المحرمة فإنه يكسب إثم كل من نظر إليها أو نشرها دون أن ينقص ذلك من آثامهم قال صلى الله عليه وسلم: " من دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا " ، بل ناشر ذلك متوعد بالعذاب الأليم قال تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ "

ومن حسن الخلق في التعامل مع برامج التواصل الاجتماعي عدم اختراق حسابات المستخدمين وانتهاك خصوصياتهم، قال صلى الله عليه وسلم : يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلِ الإِيمَانُ قَلْبَهُ لاَ تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ، وَلاَ تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنِ اتَّبَعَ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ يَتَّبِعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ "

ومن حسن الخلق في الكتابة في هذه البرامج الصدق فيما ينقله والحذر من الكذب ونشر الشائعات، فإن المكتوب فيها ينتشر عبر العالم بسرعة البرق، قال صلى الله عليه وسلم : " فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفَاهُ ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ مِنْ حَديدٍ ، وَإِذَا هُوَ يَأتِي أحَدَ شِقَّيْ وَجْهِهِ فَيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إِلَى قَفَاهُ ، ومِنْخَرَهُ إِلَى قَفَاهُ ، وعَيْنَهُ إِلَى قَفَاهُ ، ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الجانبِ الآخَرِ ، فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بالجَانِبِ الأوَّلِ ، فَمَا يَفْرَغُ مِنْ ذَلِكَ الجانبِ حَتَّى يَصِحَّ ذَلِكَ الجانبُ كما كَانَ ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ مِثْلَ مَا فَعَلَ فِي المرَّةِ الأُوْلَى )) قَالَ : (( قُلْتُ : سُبْحَانَ اللهِ ! مَا هذانِ ؟ فقال الملكان : فإنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ فَيَكْذِبُ الكِذْبَةَ تَبْلُغُ الآفاقَ"