الأربعاء، 17 أكتوبر 2018

الفكر اليبرالي والتنويري بوابة للكفر بالله والإلحاد.

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أما بعد .

نعم الله سبحانه وتعالى على الإنسان لا تعد ولا تحصى، وقال قال الله تبارك وتعالى : "وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا" [إبراهيم:34] .

وإنّ أكبر نعمة يمتنُ الله بها على  العبدِ نعمة ُ الإسلامِ والإيمانِ واتباعِ السنة، قال تعالى : " يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ" [الحجرات:17].

ولقد جاء هذا الإسلامُ بكل ما يحققُ المصالحَ للعبادِ ويدفعُ عنهم المفاسدَ في العاجلِ والآجل، ولذلك كان مهيمناً على جميع الشرائعِ التي سبقته، والتي حُرفت وبُدلت حتى صارت من وضع البشر، ففسدت.

فسعى أعداءُ الإسلامِ للنيل منه بشتى الطرقِ منذ بعثةِ النبي صلى الله عليه وسلم ولا يزالون، ولكنّ اللهَ حافظٌ دينه.

ومن جهودِ أعداءِ الإسلامِ للنيل منه نشرُ الأفكار المنحرفة التي تسعى لتحريفِ أحكامِ الإسلام، وحمل النصوصِ الشرعيةِ على غيرِ معانيها الصحيحة.

وهذا الأمر يتوصلون من خلالهِ إلى انسلاخِ المسلم من دينه ووقوعه في الكفر بالله بل والإلحاد، بكره الدين والتدين وإنكار وجود خالق.

ومن هذه الأفكار المدسوسة المنحرفةِ الفكرُ الليبرالي الغربي، وما يسميه بعض الغشاشين بالفكرِ التنويري، الذي يزعمون أنه يدعوهم لتحكيم العقلِ والبعدِ عن التقليد والموروث الديني.

والناظرُ في فكر الليبراليةِ وفكرِ التنوير يعلمُ أنهما بوابةٌ موصلةٌ للكفر بالله والإلحاد وهو ما يسمى بالفكر اللاديني.

فالليبراليةُ في أساساها تقومُ على فصلِ الدين عن الدولة، وعن حياة الأفراد، والتنويرُ يدعي أتباعهُ إعمالَ العقلِ وتحكيمه، وذلك بردِ النصوصِ الشرعية الثابتة لمخالفتها للعقل كما يزعمون، أو تحريفها عن معانيها الصحيحة والثابتة، الأمر الذي يؤدي بهم إلى الطعن في دين الله وفي أسسه وأحكامه، بل ويطعنون في ذات الله سبحانه وتعالى، مع التشكيكِ في ثبوت النصِ الشرعي وحفظه وتدوينه، مما يؤدي إلى الكفر بالله وبرسالاته أو إنكار وجودِ خالقٍ معبود، وكله تحت مسمى الحريةِ ونقدِ الموروث وعصرنة الإسلام ليكون متوافقاً مع قيم الحداثة الغربية ومنهج الفلسفة الأوروبية.

والغريب في أتباع هذا الفكرِ أنهم يحاربون ما يسمونه بالتقليدِ ويرفعونَ شعارَ نقد الموروث وعدم الوصاية الدينية للعلماء على الناسِ، ولكنهم في الوقت ذاتهِ ينعقون بقواعدَ وضعها فلاسفةُ اليونان  قبل الميلاد، وبشعاراتٍ موروثةٍ عن فلاسفةِ التنوير في العصور المظلمة في أوروبا، ويدّعون جهلاً واستكباراً أنها السبيل لتحرير عقولهم من هيمنة النص الشرعي، وفتاوى العلماء واجتهاداتهم، ويردد مفتيهم : حرر عقلك .

لقد سعى أصحابُ هذا الاتجاه إلى استنساخِ واقعِ أوروبا في العصورِ الوسطى مع الكنيسة، والثورةِ الفرنسية وما آلت إليه، واسقاطِ كل ذلك على الدين الإسلامي، متناسين الفرق الشاسع بين الإسلام المحفوظ من الله، وبين النصرانية المحرفة، وواقع الكنيسة المخالف لتعاليم الإسلام وأسسه وعقيدته.

ومن خلال هذا الطرح توصل أصحابُ هذا الفكر إلى ضربِ العقيدة الإسلامية وتحريف الأحكام الشرعية،  ومن ثم مخالفة الدين في أهمِ أركانه وأسسه، مما يؤدي إلى التحلل منه والخروج عن مضامينه. 

و اضرب لكم أمثلة منها : 

أحد التنويريين الليبراليين يدعي علما بالتفسير – وهو لا يحسن تلاوة آياته- يدعي أنّ علم الله سبحانه وتعالى علم قائمٌ على الرياضيات والاحتمالات ، فالله – تعالى عما يقول هذا الأفاك- لا يعلمُ ما سيحدث بل يضع عدة احتمالات لفعلِ الإنسان وهو يعلم الاحتمال الصحيح.

وهذا الانحرافُ العقدي لدى هذا الأفاك مأخوذٌ من بعض الفلاسفة مثل أفلاطون وجميس جنر وغيرهم ، الذين أطلقوا على الله سبحانه وتعالى (العقل الرياضي).

ألا يتعارض هذا مع عقيدة المسلمين من أنّ الله سبحانه وتعالى علمَ ما كانَ وما يكونُ وما سيكونُ وما لم يكن لو وقع كيف سيكون، وأنه قد كتب ذلك في اللوح المحفوظ.

روى أبوداود في سننه بإسناد صحيح عَنْ أَبِى حَفْصَةَ قَالَ: قَالَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ لاِبْنِهِ يَا بُنَىَّ: إِنَّكَ لَنْ تَجِدَ طَعْمَ حَقِيقَةِ الإِيمَانِ حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ. سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ فَقَالَ لَهُ اكْتُبْ. قَالَ رَبِّ وَمَاذَا أَكْتُبُ قَالَ اكْتُبْ مَقَادِيرَ كُلِّ شَىْءٍ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ ». يَا بُنَىَّ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « مَنْ مَاتَ عَلَى غَيْرِ هَذَا فَلَيْسَ مِنِّى »

ألا يعلم هذا الطاعن في علم الله سبحانه وتعالى اجماع الأمة على أن من أنكر علم الله أنه خارج من الملة كافر بالله وبرسالاته، قال تعالى :" وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ ، وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ ، فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ" [فصلت:22-23].

مثال آخر :

يقول محمد أركون – وهو من أصحاب هذا الاتجاه المنحرف- في كتاب له (الفكر الإسلامي قراءة علمية ) ص 102 : " على عكس ما تنطق المسلمة التقليدية التي تفترض وجود إله متعال ثابت لا يتغير، فإن مفهوم الله لا ينجو من ضغط التاريخية وتأثيرها، أقصد أنه خاضع للتحول والتغير بتغير العصور والأزمان" 

هذه نظرةٌ وفكرةٌ تدعم الإلحاد والكفر بالله وتعالى .

مثال آخر : 

 يخرج لنا تنويري ليبرالي ويدعي أنّ أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في بيان أركان الإسلام والإيمان من الخداع والكذب، ويدعي أنّ من يعبد الأصنام والحيوانات فهو مؤمن، ويدعي أن من قال لا إله إلا الله وباليوم آخر مؤمن ولو لم يؤمن بالرسول صلى الله عليه وسلم.

هل هذا هو الدين الذي أمر الله به ، ألم يقل الله تبارك وتعالى : " إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا ، أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَ‍قًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا.

إنّ في هدم أركان الإسلام والإيمان الثابتة بالنص القطعي في كتاب الله، وفي سنة النبي صلى الله عليه وسلم دعوة لنقض أصول الإسلام والكفر بالله وبشريعته.

وللأسف يقدم صاحب هذا الفكر في الإعلام على أنه مفسر عقلاني وعصري، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

مثال آخر :

إظهار بعض الليبراليين لبعض من عرف بالكفر والإلحاد في الإعلام والتغني بأشعارهم كرموز للتحرر العقلي، من أمثلة الحلاج وابن عربي ونزار قباني، مع مدح كتبهم وأشعارهم. 

ففي ذلك دعوة للنظر في هذه الكتب وهذه الأفكار، مما قد يتسبب في اعتناقها، والتأثر بها، وهي أفكار مخالفة للإسلام في أصول وعقيدته وأسسه.

مثال آخر :

دعوتهم لدراسة نظرية داروين، بل يتجرأ مفسرهم ليدعي أن أفضل نظرية يمكن أن تُفسر آيات الخلق في القرآن هي نظرية داروين، وينشرها ليبرالي آخر في حلقة من حلقات برنامجه ويزعم أن من لا يعترف بهذه النظرية فهو من أهل الإرهاب الفكري.

في حين أن هذه النظرية -كما يعرفها من فهمها- تعبتر بوابة للإلحاد، وإنكار الخالق -وإن لم يكن هذا هو محتواها-.

وتأثر بها كثير من النصارى بل ومن قساوستهم، فتركوا شريعتهم وأنكروا خالقهم ، وهذا أمر معلوم لا ينكره إلا مكابر.

والأمثلة كثيرة جدا وفيها إنكارهم وتحرفيهم لكثير من مسائل العقيدة التي اجمع عليها علماء الإسلام كالإيمان بالملائكة وبالكتب وبالرسل وباليوم الآخر، وبأسماء الله وصفاته .

فلا بد أن نعلم أن الفكر الليبرالي والتنويري هدفه علمنة الإسلام والطعن في محكمات الدين وأصوله وعقيدته، وهذا يفتح الباب للكفر بالله تعالى وللإلحاد وإنكار وجود خالق معبود.

فينبغي الحذر منه ومن دعاته فإنهم دعاة فتنة، ويلتبس أمرهم على الناس، حيث يتسترون بالدعوة للوسطية ومحاربة التشدد، فيدسون السم في العسل، ويحرفون الناس عن عقيدتهم ودينهم.

قال تعالى : " هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأَوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ، رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ" [آل عمران:7-8] 

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لعائشة « إِذَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ فَاحْذَرُوهُمْ » رواه مسلم .

والحمد لله رب العالمين.

الاثنين، 8 أكتوبر 2018

الفكر الليبرالي والتنويري بوابة الثورات


الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد

فإنّ مما ابتلى الله به المسلمين الغزو الفكري الذي يهدف إلى زعزعة الثوابت والمسلمات من العقيدة الصحيحة الثابتة في كتاب الله سبحانه وتعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإلى نزع الأمن الذي تعيشه بلاد الإسلام وسلب خيراتهم عن طريق الثورات والحروب الداخلية التي عانى منها الغرب قديما.

وإنّ الناظر في أحداث الثورات التي وقعت ولا تزال في بلاد العالم الإسلامي يرى دور الفكر الليبيرالي وما يسمى بالتنوير في اشعال نيران هذه الثورات.

يشعلون نيرانها باستعمال وقود الشعوب المغلوب على أمرها، والتي تسعى لتحقيق مصالحها الخاصة، فيستغلونهم لتحقيق مبادئهم الخاصة والتي منها الهيمنة والسيطرة على نظام الحكم، ومنه الانطلاق نحو نشر فكرهم المنحرف، وهذا الهدف يشترك فيه أرباب الفكر الليبرالي والفكر الإخواني الذي انكشفت حقيقته للناس مؤخرا.

ولكن نجد من يقول : الفكر الليبرالي والتنويري يدعو لإعمال العقل والتطور ونبذ التشدد والغلو ...

فكر يدعو للحرية وقمع الاستبداد ...

فكر يدعو لنقد الموروث الذي يرجع الأمة لعصور التخلف والظلام.

فكر يكشف دور الظلاميين والنظام الكهنوتي في السيطرة على المجتمعات والأفراد.

وهذا في الحقيقة مثل من يقول : المخدرات تؤدي إلى راحة العقل والبال وتنسي الإنسان همومه ... الى آخر هذه المزاعم والمزاعم.

فإن ما ذكروه عن الفكر الليبرالي والتنويري كلام زائف.

وإذا أردنا أن نحكم على فكر ما فإننا نحكم عليه من خلال أراء منظريه وأتباعه ومن كتب فيه.

ومن نظر في كتب القوم من الليبرالية والتنويريين ومقالاتهم يرى أنهم بوابة كبرى للثورات، فإن كنا نحارب الفكر الإخواني والقاعدي والداعشي لأجل فكرهم الثوري، فالليبرالية والتنوير ليس بأقل خطورة منهم.

وسأبين لكم بعض الحقائق والأقوال الدالة على الفكر الثوري لدى الليبرالية والتنوير:

أولا : اطلاق مسمى الربيع على الثورات من صنع الليبرالية الغربية، جاء في موسوعة ويكيبيديا : " ربيع الشعوب أو الثورات الأوروبية عام 1848 تعرف أيضاً في بعض البلدان باسم ربيع الأمم وربيع الشعوب وعام الثورة، كانت سلسلة من الاضطرابات السياسية في جميع أنحاء القارة الأوروبية. وعدت من أكثر الموجات الثورية انتشاراً في تاريخ أوروبا .

ثانيا : جاء في نفس الموسوعة عند الكلام على عصر التنوير : كان عصر التنوير وما أنتجه من أفكار وضعية وعقلانية ملهماً لعدد من الثورات الاجتماعية والسياسية شهدتها أوروبا في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر أسفرت عن قيام الدولة الحديثة.

وهذا النص منشور في مقال في جريدة الاتحاد بتاريخ 23/6/2017م


ثالثا : أنقل لكم بعض المقاطع من مقالات منشورة لبعضهم : 
قال الكاتب  (د السيد ولد أباه ) في مقال منشور في صحيفة الاتحاد بتاريخ 10/12/2012م بعنوان : الفصل الليبرالي من الثورات العربية .


قال : " من الخطأ تصوير الانتفاضة الشعبية الراهنة في مصر بأنها من تحريك «فلول» النظام السابق، بل هي في عمقها المحطة الثانية الطبيعية من الربيع الليبرالي الذي هبّ على المنطقة العربية، وأرادت قوى إيديولوجية احتكار ديناميكيته التغييرية" .
ويقول كذلك في مقال آخر بعنوان : انتصار الليبرالية وانهزام الليبراليين!


" يتعين منذ البداية الإقرار أن صانعي الثورات العربية لم يكونوا في غالبهم من المنتمين إيديولوجياً وتنظيمياً للتيار الإسلامي، بل كانوا أقرب في شعاراتهم وممارساتهم الاحتجاجية للاتجاه الليبرالي، حتى ولو كان للتنظيمات الإسلامية حضورها الذي لا ينكر في هذا الحراك. " 

رابعا : تمجيد منظري الفكر الليبرالي لأرباب الفكر الثوري، فيعتبرون دعوة جمال الدين الأفغاني دعوة إصلاحية ويشيدون به وبحركته وجهوده، وهذا منشور في كتبهم، في حين أنّ جمال الدين الأفغاني من أكبر منظري الفكر الثوري، وتأثر به الاخوان وسيد قطب وحسن البنا، ومن أراد الاستزادة عن شخصية جمال الدين الأفغاني وفكره الثوري فعليه بكتاب الأخ الفاضل أحمد الشحي بعنوان : " شخصياتٌ معاصرةٌ شوَّهت الإسلام " وهو تحت الطبع، فقد أجاد في بيان فكره المنحرف وتأثر من بعده به.

خامسا : تمجيدهم للثورة الفرنسية ويسمونهما بأمّ الثورات ، ويعتبرونها سبب التخلص من التخلف والظلم والدين.
جاء في مقال في صحيحة الاتحاد بعنوان أم الثورات .


" تعد الثورة الفرنسية من الثورات الكبرى في العصر الحديث سواء على صعيد التغيير الجذري الداخلي أو التأثير الأقليمي والعالمي، وانتشار أفكارها السياسية والاجتماعية والتنويرية في كل أنحاء الأرض، بما في ذلك الشرق الأوسط.."

في حين أن هذه الثورة قضت على التدين في بلاد أروبا، وحصرته في يوم الأحد من بعض المتدينين يحضرون للصلاة في الكنيسة مع ترديد بعض الأناشيد.

يقول المفكر هيردر herder: إن الثورة الفرنسية لا يمكن مقارنتها إلا بانتصارات الشيطان الأخرى... وأن الثورة الفرنسية ليست مجرد حدث سياسي واقتصادي فحسب، بل يجب اعتبارها بداية تبديل يهود بالملوك المسيحيين.

 المرجع : حكومة العالم الخفية ص 68.

و يقول اللورد أكتون في كتابه محاضرات في الثورة الفرنسية: لم تكن هناك ثورات فرنسية وروسية وألمانية بل ثورات يهودية في فرنسا وروسيا وألمانيا ... ولم يكن الهجوم على الكنيسة خطأ فاضحا لا حاجة له وإنما كان هدفا أساسيا لكل ثورة، فالثورة إحدى وسائل اليهود لتحطيم العالم المسيحي. 

المرجع السابق ص 69.

سادسا : نظرية العقد الاجتماعي التي وضع أساسها مفكرو الليبرالية مثل هوبز و لوك
ومن الآراء في هذه النظرية : أن الحاكم إذا لم يلتزم بمقتضى العقد الذي بينه وبين الأفراد فإنه يجوز للأفراد الثورة لاسترجاع حقوقهم.

هذه بعض الأمور التي تبين حقيقة الفكر الليبرالي والتنويري ودوره في إحداث الثورات، وزعزعة الأمن في دول الإسلام. 

فإن قيل : أنت تفتري على الفكر الليبرالي ، فهنا نحن نراهم ينتقدون الفكر الثوري!!

يجيب عن ذلك الكاتب الإماراتي أحمد الشحي في مقال له بعنوان : " الثقافة الليبرالية والثورات "  فيقول :

"ولأن الربيع العربي لم يأت بما تشتهيه سفن الليبراليين ومع صعود الوعي العام بخطر الثورات اضطر بعض ليبراليي الخليج – كتكيك مرحلي – إلى ممارسة لعبة الخطاب المضاد للثورات ، وهو خطاب مراوغ ينتقد ما أفرزته الثورات من صعود الإخوان المسلمين ، دون أن ينتقد الثورات نفسها ، لأن مبدأ الفكر الثوري إحدى أساسيات الأجندات الليبرالية التي لا يمكن لليبرالي التخلي عنها ، وإلا وقع في تناقض مع أساس مذهبه في العلاقة بين الفرد والسلطة " .

فنخلص مما سبق أن خطورة الفكر الليبرالي والتنويري لا تقل عن خطورة فكر الإخوان المسلمين ومنهجهم، فالحذر منهم متعين، والعاقل لا يلدغ من جحر مرتين، فيكفينا ما تجرعته أمة الإسلام من منهج الإخوان بسبب الثقة بهم وبمنظرهيم حتى تمكنوا فخرجوا أجيالا من أبناء الوطن متشربة لأفكارهم المتطرفة.

وكذلك الليبراليون والتنويريون يستغلون الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لنشر أفكارهم التي تصل لدرجة الإلحاد.

وفقنا الله لما يحيه ويرضاه، والحمد لله رب العالمين .