الجمعة، 31 أكتوبر 2014

الأسس الشرعية لحماية الشباب من الانحراف

الخطبة الأولى : جماعة المسلمين ، اعلموا رحمني الله وإياكم أن الأمم والمجتمعات لا تستطيع المحافظة على استمرار وجودها وتقدمها ورقيها إلا بفضل إعداد أجيالها المتعاقبة الإعداد السليم المتكامل ، وبقدر ما تحافظ الأمم والشعوب على تربية هذه الأجيال على التمسك بدينها ومعتقداتها وأخلاقها ، بقدر ما تحافظ على بقائها وعلو شأنها ، لذلك وجهنا الإسلام إلى الاهتمام والعناية بالشباب وتنشئتهم تنشئة صالحة.

 فالشبابُ يُعتَبر ثروةَ الأمّة الغاليةَ وذخرَها الثمين، يكون خيرًا ونعمةً حين يُستَثمر في الخير والفضيلةِ والبناء، ويغدو ضررًا مستطيرًا وشرًّا وبيلاً حين يفترسه الشرُّ والفساد.
الانحرافُ في مرحلة الشّباب خطيرٌ ومخوِّف، فمنحرفُ اليوم هو مجرمُ الغدِ ما لم تتداركه عنايةُ الله، وعلى قَدرِ الرعاية بالشبابِ والعنايةِ بشؤونهم يتحدَّد مصيرُ الأمّة والمجتمع.

ولذلك إخواني في الله- حث نبينا صلى الله عليه وسلم على اغتنام مرحلة الشباب قبل المشيب قال النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظهُ : اِغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْل خَمْس , شَبَابك قَبْل هَرَمك , وَصِحَّتك قَبْل سَقَمك , وَغِنَاك قَبْل فَقْرك , وَفَرَاغك قَبْل شُغْلك , وَحَيَاتك قَبْل مَوْتك "  ، والغنيمة لا تكون إلا لشيء يخشى فواته وضياعه إن لم يتداك ويستغل.
وقد خُصت هذه المرحلة بالمسؤولية والسؤال عنها فروى الترمذي عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لاَ تَزُولُ قَدَمُ ابْنِ آدَمَ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ، عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلاَهُ، وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ .

ومما لا شك فيه أن الواجب في هذه الأمة مشترك بين المسلمين جميعا شبابا وشيوخا ، ولكن خُص الشباب بالذكر لأنها مرحلة مهمة جدا في حياة المسلم نفسه ، وفي حياة مجتمعة المسلم ، فهم الذين يقومون بالواجب بعد رحيل الجيل الذي سبقهم .

جماعة المسلمين: لأجل أن يقوم الشباب المسلم بدوره الصحيح في المجتمع المسلم لا بد من إعداده الإعداد السليم، فقد أرشدنا نبينا صلى الله عليه وسلم إلى سلوك الطريق النبوي في تربية هذا النشئ ، بدءا من اختيارك لزوجتك الصالحة المؤمنة التي تعتبر بحق هي المدرسة الأولى لتربية الشباب منذ طفولتهم فتزرع فيهم الأخلاق الحسنة والمبادئ السامية فينشؤوا على أرض صلبة وأساس متين.
وقد ضربت نساء السلف أروع الأمثلة في ذلك ، فهذه أم سفيان الثوري تقول لولدها : يا بني اطلب العلم وأنا أكفيك بمغزلي" فما هي النتيجة ؟ أصبح من أعلام الدنيا وأئمة الدين قال الذهبي في ترجمة الثوري: هو شيخ الإسلام، إمام الحفاظ، سيد العلماء العاملين في زمانه"
وكذلك أبو حنيفة والشافعي وأحمد إنما قامت أمهاتهم على تربيتهم وتنشئتهم فأصبحوا أئمة الدنيا وأئمة الدين.

ومن الأمور التي تحصن الشباب وتربيهم التربية الحسنة تنشئتهم على العقيدة الصحيحة وربطهم بربهم سبحانه وتعالى ولقد رسم النبي صلى الله عليهم وسلم فيما رسم منهجاً واضحاً للآباء والمربين لتربية شباب الأمة المحمدية ممثلاً في ابن عمه الغلام عبد الله بن عباس رضي الله عنهما حيث قال له ولم يتجاوز عمره آنذاك الخامسة عشر: ((يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ"

فأول لبنة في بناء الشباب لبنة العقيدة السليمة الموروثة عن سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين والعلماء الربانيين، وقوة الإيمان وصدق التعلق بالله وحده ، إن أولها حفظ الله بحفظ حقوقه وحدوده وحفظ أمره ونهيه، ومن ثم الاستعانة به وحده في الأمور كلها والتوكل عليه واليقين الجازم بأنه بيده سبحانه الضر والنفع، يأتي كل ذلك أيها الأخوة ليكون دافعاً للشباب، وهو في فورته وطموحه وتكامل قوته، ليكون قوي العزيمة عالي الهمة ، ولما ثبتت هذه المعاني في نفوس الشباب من السلف برعوا رحمهم الله في العلم الصحيح فحفظوا القرآن الكريم ولما يبلغ أحدهم الثانية عشر من عمره ورحلوا في طلب العلم عند العلماء بلا طائرات ولا وسائل نقل حديثة بل إن أحدهم ليعمل أجيرا لدى القوافل مقابل أن ينقلوه إلى بلد فيها عالم يطلب العلم على يديه، كما فعل ذلك الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله ، لكن اليوم انقلبت المفاهيم فأصبح هم الأسرة حصول الشاب أو البنت على شهادات العلوم الدنيوية ، وليس ذلك بعيب، لكن إذا أهمل تعلم الدين وأحكامه فلا خير في شهادات الدنيا ولو حصل عليها جميعها . قال تعالى "وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ، يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ"

والعلم الشرعي والعقيدة الصحيحة إنما تتلقى على أيدي الأمناء من علماء أهل السنة والجماعة الذين يربون الناس على صغار العلم قبل كباره ويربطون الأمة بالكتاب والسنة ولا يرتبطون بأحزاب ولا تنظيمات، قال أيوب السختياني: "إن من سعادة الحَدَث والأعجميّ أن يوفقهما الله لعالمٍ مِنْ أهل السنة " وقال عمرو بن قيس الملائي: "إذا رأيت الشاب أوّل ما ينشأ مع أهل السنة والجماعة فارْجُه، وإذا رأيته مع أهل البدع فايْأس منه؛ فإنّ الشاب على أوّل نشوئه"
فالناس لا يزالون بخير ما أخذوا العلم عن أكابرهم فإن أخذوه عن أصاغرهم هلكوا ، والأصاغر هم علماء السوء من أهل البدع والضلالات، وإذا ما انفصل الشباب عن العلماء الربانيين وارتبطوا بعلماء السوء وعلماء الفضائيات تلقفتهم التيارات المنحرفة من خلال الجرائد أو الفضائيات أو الإنترنت فأصبحوا لقمة سائغة لأصحاب الأغراض السيئة  .
فعلموا أولادكم العلم الشرعي الصحيح وربوهم على الولاء والانتماء للبلاد وولاة الأمر، وحذروهم من مسالك الشيطان وطرق الغواية تفلحوا في الدارين.

  

الخطبة الثانية : عباد الله من أسس تربية الشباب وحفظهم حفظ شهواتهم وعرائزهم،  ها هو نبينا الكريم صلوات الله وسلامه عليه ينادي شباب أمته جميعا ليوجههم إلى حفظ شهواتهم وغرائزهم حتى لا يسقطوا في وحل الإثم والمعصية فقَالَ صلى الله عليه وسلم ( يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ) 
ومن المنهج النبوي في تربية الشباب ذكورا كانوا او إناثا تعويدهم على العبادة منذ نعومة أظفارهم قال صلى اللهعليه وسلم (مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ ) فبالرغم من أن ابن السابعة ليس مكلفا بالواجبات ولكنه يؤمر بالصلاة لأجل أن يعتادها ويألفها فتنطبع في ذهنه ، وذلك لأن الصلاة فيها سر عظيم في تربية النشء على الإسلام الصحيح قال تعالى في ذلك " وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ " .
ثم قال صلى الله عليه وسلم (وفرقوا بينهم في المضاجع ) أي لا تتركوهم ينامون تحت غطاء واحد أو على فراش واحد خشية أن يطلع بعضهم على عورات بعض فتقع الفتنة التي لا تحمد عاقبتها .
ثم اعلم أيها المربي ، وأنت أيها الشاب ، إنَّ نشأة الشاب على طاعة الله ورسوله سبب لتحصيل الأجر العظيم عند الله، فروى البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم" قَالَ سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ الْإِمَامُ الْعَادِلُ وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ  .." قال ابن حجر رحمه الله (خَصَّ الشَّابّ لِكَوْنِهِ مَظِنَّة غَلَبَة الشَّهْوَة لِمَا فِيهِ مِنْ قُوَّة الْبَاعِث عَلَى مُتَابَعَة الْهَوَى ; فَإِنَّ مُلَازَمَة الْعِبَادَة مَعَ ذَلِكَ أَشَدُّ وَأَدَلّ عَلَى غَلَبَة التَّقْوَى ".
عِبَادَ اللَّهِ: إِنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى شَبَابِنَا مِنْ أَسْمَى الْمُهِمَّاتِ، وَآكَدِ الْوَاجِبَاتِ، لاَسِيَّمَا فِي هَذَا الْوَقْتِ مَعَ انْتِشَارِ الأَدَوَاتِ الْحَدِيثَةِ، الَّتِي تُسَاهِمُ فِي سُرْعَةِ انْتِقَالِ الْمَعْلُومَاتِ الْمَغْلُوطَةِ، وَقُوَّةِ تَأْثِيرِهَا عَلَى الْعُقُولِ وَالأَفْكَارِ، مِمَّا يُعَرِّضُ الشَّبَابَ لِلاسْتِغْلاَلِ وَالتَّلاَعُبِ مِنْ قِبَلِ الْمَرْضَى وَأَصْحَابِ الشُّبُهَاتِ، فَيُوقِعُهُمْ فِيمَا يَعُودُ بِالضَّرَرِ عَلَيْهِمْ وَعَلَى دِينِهِمْ وَمُجْتَمَعِهِمْ وَدُوَلِهِمْ، حَيْثُ يَتِمُّ التَّغْرِيرُ بِكَثِيرٍ مِنَ الشَّبَابِ وَاسْتِغْلاَلُهُمْ لِهَدْمِ اسْتِقْرَارِهِمْ، بِزَعْمِ تَحْقِيقِ الْحُرِّيَّةِ وَنُصْرَةِ الإِسْلاَمِ، وَالْحَقِيقَةُ أَنَّهَا مُغَالَطَاتٌ وَتَضْلِيلٌ، وَهَذَا كُلُّهُ يُوجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَبْذُلَ الأَسْبَابَ الَّتِي تَحْفَظُ شَبَابَنَا مِنَ الأَفْكَارِ الدَّخِيلَةِ، فَإِنَّ الْوِقَايَةَ خَيْرٌ مِنَ الْعِلاَجِ.
وَعَلَيْكُمْ معاشر الشباب أَنْ تَتَحَرَّوْا الَّذِي يَنْفَعُكُمْ، وَلاَ تَنْخَدِعُوا بِالإِشَاعَاتِ، وَلاَ تَغْتَرُّوا بِكُلِّ مَعْلُومَةٍ مَنْشُورَةٍ فِي الشَّبَكَاتِ وَوَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الاِجْتِمَاعِيِّ، لاَسِيَّمَا فِي بَابِ الْفَتْوَى وَالْخِطَابِ الدِّينِيِّ، فَلَيْسَ كُلُّ مَا يُنْشَرُ صَوَابًا، وَاحْذَرُوا مِنَ الصَّوْتِيَّاتِ وَالْمَرْئِيَّاتِ الَّتِي تَضُرُّ بِكُمْ، وَتَتَلاَعَبُ بِعَوَاطِفِكُمْ، وَإِيَّاكُمْ مِنَ الَّذِينَ يُوَظِّفُونَ الشِّعَارَاتِ الْبَرَّاقَةَ لِخِدَاعِكُمْ، فَلَيْسَ كُلُّ مُدَّعٍ نُصْرَةَ الإِسْلاَمِ نَاصِرَهُ

الخميس، 16 أكتوبر 2014

خطورة الفتن وتأثيرها على الشباب

الخطبة الأولى : جماعة المسلمين : اعلموا رحمكم الله أن الله خلق الخلق وابتلاهم قال تعالى:الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ " فبه يظهر الصادق من الكاذب، والسعيد من الشقي قال سبحانه : أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ،وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ" واقتضت حكمة الباري سبحانه وتعالى أن دار السلام وهي الجنة لا تنال إلا بعد الِابْتِلَاء والامتحان وَالصَّبْر وَالْجهَاد وأنواع الطَّاعَات قال تعالى : " أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ " ، وإنما يبتلى العبد على قدر دينه وإيمانه ، فعَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ , أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً , قَالَ: " الْأَنْبِيَاءُ , ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ حَتَّى يُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى قَدْرِ دِينِهِ , فَإِنْ كَانَ صَلْبَ الدِّينِ اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ , وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ ذَلِكَ , أَوْ قَدْرِ ذَلِكَ , فَمَا يَبْرَحُ الْبَلَاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَمْشِيَ عَلَى الْأَرْضِ , وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ "

والابتلاء قد يقع في أمور الدين وفي أمور الدنيا، وفي الشبهات وفي الشهوات، والسلامة يوم القيامة لا تتحقق إلا بالسلامة من آثار هذا الابتلاء قال تعالى : يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ ،إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ " والقلب السليم هو الذي سَلِمَ مِنْ كُلِّ آفَةٍ تُبْعِدُهُ عَنِ اللَّهِ، وَسَلِمَ مِنْ كُلِّ شُبْهَةٍ تُعَارِضُ خَبَرَهُ ومن كُلِّ شَهْوَةٍ تُعَارِضُ أَمْرَهُ، وَسَلِمَ مِنْ كُلِّ إِرَادَةٍ تُزَاحِمُ مُرَادَهُ، وَسَلِمَ مِنْ كُلِّ قَاطِعٍ يَقْطَعُ عَنِ اللَّهِ، وَلَا تَتِمُّ للقلب سَلَامَتُهُ مُطْلَقًا حَتَّى يَسْلَمَ مِنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ: مِنْ شِرْكٍ يُنَاقِضُ التَّوْحِيدَ، وَبِدْعَةٍ تُخَالِفُ السُّنَّةَ، وَشَهْوَةٍ تُخَالِفُ الْأَمْرَ، وَغَفْلَةٍ تُنَاقِضُ الذِّكْرَ، وَهَوًى يُنَاقِضُ التَّجْرِيدَ وَالْإِخْلَاصَ، فَهَذِهِ الْخَمْسَةُ حُجُبٌ عَنِ اللَّهِ، وَتَحْتَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا أَنْوَاعٌ كَثِيرَةٌ، تَتَضَمَّنُ أَفْرَادًا لَا تَنْحَصِرُ، وَلِذَلِكَ اشْتَدَّتْ حَاجَةُ الْعَبْدِ بَلْ ضَرُورَتُهُ، إِلَى أَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ أَنْ يَهْدِيَهُ الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ في كل صلاة يصليها، فَلَيْسَ شَيْءٌ أَحْوَجَ مِنْهُ إِلَى هَذِهِ الدَّعْوَةِ، وَلَيْسَ شَيْءٌ أَنْفَعَ لَهُ مِنْهَا.

وإن من أعظم الابتلاءات والفتن والمحن التي يواجهها المسلم الابتلاء في الدين، فإن الدين هو روح العبد وسعادته، فإذا فقده فقد الخير كله، ولأجل ذلك كان صلى الله عليه وسلم يسأل ربه أن يحفظ له دينه وأن يثبته عليه إلى أن يلقاه، فكان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يقول في دعائه : «اللَّهمَّ أَصْلِح لي ديني الذي هو عِصْمَةُ أمري، وأصَلِح لي دُنيَايَ التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعَل الحياة زيادة لي في كلِّ خيرٍ، واجعل الموتَ راحة لي من كل شَرٍّ»  وَكَانَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "يَا مُقّلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قُلُوبَنَا عَلَى دِينِكَ"

وأثر الفتن على الدين عظيم جدا إذ قد يخرج الرجل من دينه بسببها قال صلى الله عليه وسلم: إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ فِتَنًا كَأَنَّهَا قِطَعُ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا، وَيُمْسِي كَافِرًا، وَيَبِيعُ فِيهَا أَقْوَامٌ خَلَاقَهُمْ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا" ، قال الحسن البصري وهو ممن عاصر بعض الفتن وأصحابها : وَاللهِ لَقَدْ رَأَيْنَاهُمْ صُوَرًا وَلَا عُقُولَ، أَجْسَامًا وَلَا أَحْلَامَ، فَرَاشَ نَارٍ وَذِبَّانَ طَمَعٍ، يَغْدُونَ بِدِرْهَمَيْنِ، وَيَرُوحُونَ بِدِرْهَمَيْنِ، يَبِيعُ أَحَدُهُمْ دَيْنَهُ بِثَمَنِ الْعَنْزِ"

فإذا وقت الفتنة خصوصا فتن الدين- فلا تنفع العقول ويضيع الدين، ويصبح الحليم حيرانا، عن حذيفة رضي الله عنه قال : " ما الخمر صرفا بأذهب بعقول الرجال من الفتنة " ، وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُنَا " أَنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ الْهَرْجَ ". قِيلَ: وَمَا الْهَرْجُ؟ قَالَ: " الْكَذِبُ وَالْقَتْلُ ". قَالُوا: أَكْثَرُ مِمَّا نَقْتُلُ  الْآنَ. قَالَ: " إِنَّهُ لَيْسَ بِقَتْلِكُمُ الْكُفَّارَ، وَلَكِنَّهُ قَتْلُ بَعْضِكُمْ بَعْضًا حَتَّى يَقْتُلَ الرَّجُلُ جَارَهُ، وَيَقْتُلَ أَخَاهُ، وَيَقْتُلَ عَمَّهُ، وَيَقْتُلَ ابْنَ عَمِّهِ ". قَالُوا: سُبْحَانَ اللهِ ومَعَنَا عُقُولُنَا ‍‍‍؟ قَالَ: " لَا. إِلَّا أَنَّهُ يَنْزِعُ عُقُولَ أَهْلِ ذَاكُم  الزَّمَانِ حَتَّى يَحْسَبَ أَحَدُكُمْ أَنَّهُ عَلَى شَيْءٍ وَلَيْسَ عَلَى شَيْءٍ "

ولا تزال الفتن في ازدياد وظهور حتى تسوق الناس إلى أعظم الفتن التي عرفتها البشرية إنها فتنة الدجال قال صلى الله عليه وسلم: " وَمَا صُنِعَتْ فِتْنَةٌ مُنْذُ كَانَتِ الدُّنْيَا صَغِيرَةٌ وَلَا كَبِيرَةٌ، إِلَّا [تَتَّضِعُ] لِفِتْنَةِ الدَّجَّالِ"

جماعة المسلمين : إذا علمنا خطورة الفتن على المسلم فكيف نتجنبها ؟
لقد بين النبي صلى الله عليه وسلم العلاج بعد أن بين الفتن وجلاها، فمن المنجيات من الفتن التعوذ بالله منها والالتجاء إليه ليعصمك من الوقوع فيها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " «تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنَ الْفِتَنِ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ» فقال الصحابة: نَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ " .

ومن المنجيات من مهلكات الفتن اجتنابها وعدم المشاركة فيها ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتَنٌ أَلَا ثُمَّ تَكُونُ فِتْنَةٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْمَاشِي فِيهَا وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي إِلَيْهَا أَلَا فَإِذَا نَزَلَتْ أَوْ وَقَعَتْ فَمَنْ كَانَ لَهُ إِبِلٌ فَلْيَلْحَقْ بِإِبِلِهِ وَمَنْ كَانَتْ لَهُ غَنَمٌ فَلْيَلْحَقْ بِغَنَمِهِ وَمَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَلْحَقْ بِأَرْضِهِ قَالَ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِبِلٌ وَلَا غَنَمٌ وَلَا أَرْضٌ قَالَ يَعْمِدُ إِلَى سَيْفِهِ فَيَدُقُّ عَلَى حَدِّهِ بِحَجَرٍ ثُمَّ لِيَنْجُ إِنْ اسْتَطَاعَ النَّجَاءَ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ قَالَ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ أُكْرِهْتُ حَتَّى يُنْطَلَقَ بِي إِلَى أَحَدِ الصَّفَّيْنِ أَوْ إِحْدَى الْفِئَتَيْنِ فَضَرَبَنِي رَجُلٌ بِسَيْفِهِ أَوْ يَجِيءُ سَهْمٌ فَيَقْتُلُنِي قَالَ يَبُوءُ بِإِثْمِهِ وَإِثْمِكَ وَيَكُونُ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ

ومن المنجيات من مهلكات الفتن التمسك بالسنة وترك البدع المحدثات ولزوم الجماعة والسمع والطاعة لولي أمر المسلمين قال صلى الله عليه وسلم: أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى الله, وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ, وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا, فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي, وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْمُحْدَثَاتِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ "



الخطبة الثانية : عباد الله من جملة الفتن التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بخروجها وحذر منها فتنة الخوارج، وتكمن فتنهم في أنهم أهل عبادة وصلاح، فكلامهم معسول بالكتاب والسنة، وشعارهم الدين، وسماتهم العبادة، فيتغتر بهم من لا علم له بهم، ولكنهم كما قال صلى الله عليه وسلم كلاب النار، شر الخلق ، فعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي أَوْ سَيَكُونُ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَلَاقِيمَهُمْ يَخْرُجُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَخْرُجُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ ثُمَّ لَا يَعُودُونَ فِيهِ هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ .
ومن سوء فتنهم أنها تحصد الشباب حدثاء الأسنان، صغار الأعمار، فيغرونهم حتى يتأثروا بشبهاتهم فيرون أنهم على الحق وغيرهم كفار على الباطل، ولذلك وصف النبي صلى الله عليه وسلم الخوارج بأن منهم  الشباب الصغار الذين لا حكمة لديهم ولا حسن تدبير، بل تدفعهم العواطف، وتحركهم الحماسة، فروى البخاري عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: سمعت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: يَأْتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ حُدَثَاءُ الْأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ لَا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ  "

فكم من والدين فجعا بخبر انضمام ولدهما لطوائف الخوارج، وكم منهم من فجع بسفر ولده وفلذة كبده إلى بلاد الفتن وأماكن الصراع، بحجة إقامة دولة الخلافة المزعومة، ورفع راية الإسلام .

شعارات حق أريد بها باطل كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لما رفع الخوارج شعار " لا حكم إلا لله" فاستمالوا به قلوب الأغمار، وعقول الجهال، حتى كونوا جيشا قوامه ستة آلاف جندي، فقال علي : كلمة حق أريد بها باطل.

يا معاشر الشباب : الزموا سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم وهديه، فالسنة سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك ..

يا معاشر الشباب لا تغتروا بشعارات الخوارج وأصحاب الرايات السود في زماننا فإنهم كلاب النار وشر الخلق توعدهم النبي صلى الله عليه وسلم بالقتل فقال : لِأَن أدركتهم لأقتلنهم قتل ثَمُود"

فالخوارج أهل غلو في الطاعة إذ قد وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم أكثر صلاة من الصحابة وأكثر قراءة للقرآن منهم، ومع ذلك توعدهم بالنار فقال : الخوارج كلاب النار" وها هو عبد الله بن عباس رضي الله عنه لما ذهب يناظر الخوارج الذين خرجوا على علي رضي الله عنه قال في وصفهم: " فَدَخَلْتُ عَلَيْهِمْ وَهُمْ قَائِلُونَ فَإِذَا هُمْ مُسْهَمَةٌ وُجُوهُهُمْ مِنَ السَّهَرِ، قَدْ أَثَّرَ السُّجُودُ فِي جِبَاهِهِمْ كَأَنَّ أَيْدِيَهُمْ ثَفِنُ الْإِبِلِ " أي غليظة كركب الإبل من طول بروكها .

وها هو الإمام الآجري أبو بكر محمد بن الحسن يحذرنا من الاغترار بهم وهو المتوفى عام: 360 للهجرة يقول : لم يختلف العلماء قديما وحديثا أن الخوارج قوم سوء، عصاة لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، وإن صلوا وصاموا ، واجتهدوا في العبادة ، فليس ذلك بنافع لهم ، يظهرون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وليس ذلك بنافع لهم ؛ لأنهم قوم يتأولون القرآن على ما يهوون ، ويموهون على المسلمين ، وقد حذرنا الله تعالى منهم ، وحذرنا النبي صلى الله عليه وسلم ، وحذرناهم الخلفاء الراشدون بعده ، وحذرناهم الصحابة رضي الله عنهم ومن تبعهم بإحسان ، والخوارج هم الشراة الأنجاس الأرجاس ، ومن كان على مذهبهم من سائر الخوارج يتوارثون هذا المذهب قديما وحديثا ، ويخرجون على الأئمة والأمراء ويستحلون قتل المسلمين" ا.هـ
فاحذروهم يا رعاكم الله ..

يا شباب الإسلام : هل الإسلام الصحيح يحث على مبايعة مجهول لا يعرف إلا بكنيته مختبئ في الكهوف والجبال ؟

هل من الإسلام الصحيح قتل من يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ؟

هل من الإسلام الصحيح أن يخرج المجاهد وهو يحمل رؤوس من قتلهم بيده ؟

هل من الإسلام الصحيح  الخروج إلى الجهاد دون أذن والديك وأذن ولي أمرك ؟

الجواب : لا ، بل هي شبهات تلقى في قلوبكم فاحذروها ..

أيها الآباء اعْلَمُوا أَنَّ خَيْرَ تقدمونه لِلأَبْنَاءِ هو تَرْبِيَتُهُمْ تَرْبِيَةً حَسَنَةً، وَوِقَايَتُهُمْ مِمَّا يَضُرُّهُمْ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَيْ عَلِّمُوهُمْ وَأَدِّبُوهُمْ. وَاعْلَمُوا أَنَّ هُنَاكَ مَنْ يَتَرَبَّصُ بِشَبَابِنَا لِيُغْرُوهُمْ بِالْخُرُوجِ عَنْ طَاعَةِ الْحَاكِمِ، وَالسَّفَرِ إِلَى مَوَاقِعِ الصِّرَاعِ وَالْفِتَنِ بَحْثًا عَنِ الشَّهَادَةِ، فَنَنْصَحُ الآبَاءَ أَنْ يُوَجِّهُوا أَبْنَاءَهُمْ وَيُبَيِّنُوا لَهُمْ أَنَّ هَذَا الْفَهْمَ خَاطِئٌ، فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ مِنَ الأَعْدَاءِ
اغرسوا في أبنائكم عقيدة السمع والطاعة لولي الأمر، وأن ذلك من الإسلام
اغرسوا في أبنائكم حب الوطن الذي يعيشون فيه، وينعمون بالأمن والسكينة، فيعبدون الله ، ويعمرون الأرض .
واعلموا أن أفضل وسيلة لتحقيق الأمن الفكري في أبنائنا هو ربطهم بالله وبالعقيدة الصحيحة وبالعلماء الربانيين من أهل السنة والجماعة.



الجمعة، 10 أكتوبر 2014

الإسلام دين اليسر

الخطبة الأولى: جماعة المسلمين اعلموا رحمكم الله أن من مقاصد الإسلام وحكمه التيسير ورفع الحرج والضيق عن الناس، فهو دين يكفل للناس أجمعين تحقيق السعادة والمنافع في الدارين، قال الله تبارك وتعالى: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ " قال أهل التفسير: "أي: يريد الله تعالى أن ييسر عليكم الطرق الموصلة إلى رضوانه أعظم تيسير، ويسهلها أشد تسهيل، ولهذا كان جميع ما أمر الله به عباده في غاية السهولة في أصله "

فالتيسيرُ شِعَارُ الدين في العبادات والأخلاقِ والمعاملاتِ، وسِمَةٌ العاداتِ والعباداتِ، فهو خيرُ مَا يَدِينُ بهِ المسلِمُ ربَّهُ، قالَ صلى الله عليه وسلم : "إِنَّ خَيْرَ دِينِكُمْ أَيْسَرُهُ، إِنَّ خَيْرَ دِينِكُمْ أَيْسَرُهُ" فالله سبحانه وتعالى شرع الدين وأمر به العباد دون أن يتضمن أية مشاق تخرج عن الاستطاعة بل متى ما وقعت المشقة وتحققت وجد التيسير، ولأجل ذلك اتفقت كلمة أهل العلم والدين على وضع قاعدة: المشقة تجلب التيسير ، وهذا من سماحة الإسلام ويسره ووسطيته.

قَالَ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَضِيَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ الْيُسْرَ، وَكَرِهَ لَهَا الْعُسْرَ".  وَلَقَدْ أَرسَلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ النبِيَّ صلى الله عليه وسلم باليسر والسهولة قال صلى الله عليه وسلم:" بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ " وجَبَلهُ الله بأوصافِ الرحمةِ والتيسيرِ، فقالَ تعالَى:( وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى) قال السعدي رحمه الله: " فالله يسر رسوله صلى الله عليه وسلم لليسرى في جميع أموره، ويجعل شرعه ودينه يسرا"  فَكَانَ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ التخفيفَ والتيسير والتبشيرَ، ويقول: "أَحَبُّ الدِّينِ إِلَى اللَّهِ الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ"  أَيِ الشريعةُ السمحةُ السهلةُ فِي العمَلِ، وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَين إِلَّا اختَارَ أَيْسَرهُمَا مَا لَمْ يَكُن إِثْمًا، فإِذا كَان إِثْمًا كَان أَبْعَد النَّاسِ مِنْهُ"  

 بل كان صلى الله عليه وسلم إذا بعث بعثا أو أرسل رسولا إلى قوم أوصاهم بالتيسير، فلما بَعَثَ مُعَاذًا وَأَبَا مُوسَى إِلَى الْيَمَنِ قَالَ لهما: يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا وَبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا وَتَطَاوَعَا وَلَا تَخْتَلِفَا"

جماعة المسلمين : لقد شمل التيسير كافة مجالات الدين فقَدْ يسَّرَ اللهُ عَلَى عبادِهِ فِي التكليفِ، ورَفَعَ عَنْهُمُ المشقَّةَ، قالَ اللهُ سبحانَهُ:( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) وقَدْ سهَّلَ القرآنَ الكريمَ لِلذِّكْرِ لِمَنْ أرادَ التذكُّرَ بهِ، قالَ سبحانَهُ:( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا القُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ)

والصلاةُ عمودُ الدينِ، أوجبَهَا اللهُ عزَّ وجلَّ عَلَى جميعِ عبادِهِ، وقَدْ رَاعَى التيسيرَ فِي أدائِهَا، فرخَّصَ للمسافِرِ قَصْرَهَا، وللمريضِ أَنْ يُصَلِّيَ بالهيئة التي يستطيعها، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حينَ أصابَهُ مرَضٌ:" صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ" ومعَ أهميةِ الصلاةِ ومكانَتِهَا فقَدْ أمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بالتخفيفِ عَلَى المصلِّينَ فَقَالَ: إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ مِنْهُمْ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَالْكَبِيرَ، وَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ" ويسر على المسافر فشرع له القصر والجمع، ويسر على من فقد الماء للوضوء بأن شرع له التيمم .

والصيامُ ركنٌ مِنْ أركانِ الإسلامِ، وقَدْ خُفِّفَ عَنِ المريضِ والمسافرِ، وأمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ أرادَ التطَوُّعَ بهِ أَنْ يعتدِلَ ولا يشدد على نفسه فيه، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ r : يَا عَبْدَ اللَّهِ أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ؟ فَقُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: فلا تَفْعَلْ، صُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْرِكَ أي لمن يزورك من الأضياف- عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ كُلَّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ لَكَ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ»

والزكاةُ لَمْ تُفْرَضْ إلاَّ عَلَى مَنْ ملكَ النِّصَابَ، وحددها الله بمقدار لا يشق على الناس، وَفِي الحجِّ رَاعَى اللهُ تعالَى فيهَا أحوالَ الناسِ، فلَمْ يُكَلِّفْ بهِ إلاَّ القادرَ المستطيعَ . وقَدْ وضعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هديًا للناسِ فِي التَّدَيُّنِ، لاَ يشقُّونَ عَلَى أنفسِهِمْ، ولاَ عَلَى غيرِهِمْ قال صلى الله عليه وسلم:" خذوا من العمل ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا "



  
الخطبة الثانية : أيهَا المسلمونَ: إنَّ التيسيرَ لاَ يقتَصِرُ عَلَى العلاقةِ بينَ العبدِ وربِّهِ، بَلْ يشمَلُ كذلِكَ العلاقاتِ بينَ الناسِ معَ بعضِهِمْ، فالكلامُ هوَ وسيلةُ التواصلِ بينَهُمْ، ومَنْ أرادَ الوصولَ إلَى قلوبِهِمْ فعليهِ أَنْ يُخَاطِبَهُمْ بأيسَرِ الكلامِ، وقَدْ أرسلَ اللهُ تعالَى موسَى وهارونَ عليهِمَا السلامُ إلَى فرعونَ، فقالَ لهُمَا:( فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) فإذَا كانَ هذَا معَ مَنْ قالَ:( أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى) فكيفَ بِمَنْ سجدَ لربِّهِ وقالَ: سبحانَ ربِّي الأعْلَى؟

وفِي العلاقاتِ الأُسَرِيَّةِ لَنْ ينالَ الابنُ بِرَّ والدَيْهِ حتَّى يترَفَّقَ معَهُمَا فِي الحديثِ، ويختارَ مِنَ الكلامِ ألْيَنَهُ، ومَنْ تعامَلَ معَ الناسِ فِي بيعٍ وشراءٍ، وجَبَ عليهِ أَنْ ينتهِجَ التيسيرَ هديًا لهُ،  قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :« رَحِمَ اللَّهُ رَجُلاً سَمْحاً إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى»

ومَنْ كَانَ لهُ دَيْنٌ عَلَى الناسِ فَلْيُيَسِّرْهُ عَلَيْهِمْ لعَلَّ اللهَ أَنْ يُيَسِّرَ عليهِ، قالَ تعالَى:( وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ) وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلَقَّتْ الْمَلَائِكَةُ رُوحَ رَجُلٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَقَالُوا أَعَمِلْتَ مِنْ الْخَيْرِ شَيْئًا قَالَ لَا قَالُوا تَذَكَّرْ قَالَ كُنْتُ أُدَايِنُ النَّاسَ فَآمُرُ فِتْيَانِي أَنْ يُنْظِرُوا الْمُعْسِرَ وَيَتَجَوَّزُوا عَنْ الْمُوسِرِ قَالَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ تَجَوَّزُوا عَنْهُ " رواه مسلم .

والتيسيرُ لاَ يعنِي تَتَبُّعَ الرُّخَصِ دون سبب معتبر أو دليل صحيح والتَّهاونَ بِشَرْعِ اللَّهِ تعَالَى، فَمَا أَمَرَ اللَّهُ سبحانَهُ بهِ فَهُوَ وَاجِبُ التنفيذِ والاتباعِ، ومَا نَهَى عنْهُ يَقْتَضِي الانتهاءَ والإقلاعَ، لكِنَّ الإسلامَ فِي أَمْرِهِ ونَهْيِهِ يُراعِي أَحْوَالَ الناسِ وقُدُرَاتِهِمْ، قالَ اللهُ تعالَى:( لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا) وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:« مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا، وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ»

واعلموا رحمكم الله أن التدين الصحيح: هو الذي يتميزُ بالاعتدالِ والوسطيةِ، والاتباعِ لا الابتداع، فلا غلوَّ ولا تفريط، ولا تشدَّدَ ولا تساهل، هذا هو الصراطُ المستقيم الذي ندعوا ربَّنا في كل صلاةٍ أن يهدينا إليه، ومعالمُ هذا الصراط تتبينُ من خلال نصوصِ الكتاب والسنةِ الصحيحةِ الثابتةِ عن الرسولِ صلى الله عليه وسلم، وما سار عليهِ العلماءُ الربّابنيونَ الصالحون من سلفِ هذه الأمةِ رضوانُ الله عليهم، قال صلى الله عليه وسلم : "تركتُ فيكُم أمرينِ لنْ تضلّوا ما إِنْ تمسَّكتُم بهما: كتابُ الله وسنّتي" وقال: "أوصيكم بتقوى اللهِ والسمعِ والطاعةِ وإن كانَ عبداً حبشياً، فإنه مَنْ يعشْ منكُم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنّتي وسنةِ الخلفاءِ الراشدين المهديين، وعَضُّوا عليها بالنواجذ، وإياكُم ومحدثاتِ الأمور؛ فإن كلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة".


وقَدْ منَّ اللهُ تعالَى علينَا فِي دولةِ الإماراتِ العربيةِ المتحدةِ بِنِعَمِهِ الوافرةِ، فنحنُ نحيَا فِي خيرٍ واستقرارٍ ورغَدٍ مِنَ العيشِ، فلْنَشْكُرِ اللهَ عَلَى مَا خَصَّنَا بهِ مِنْ تمامِ فضلِهِ، وعَلَى مَا أنعَمَ بهِ علينَا مِنْ قيادةٍ رشيدةٍ، ووطَنٍ مُستقِرٍّ فِي مَأْمَنٍ مِنَ الفتَنِ وسَفْكِ الدماءِ وتدميرِ الأوطانِ، وتشريدِ الإنسانِ، كمَا يحدثُ فِي كثيرٍ مِنَ البلدانِ الأُخرَى، ولنحذر جحود النعم بمعصية الله تعالى، فإن النِّعمَ إذا شُكرت استقرَّت وزادت، وإذا جُحدت سُلبت وزالت، قال تعالى: (وإذ تأذّن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إنّ عذابي لشديد)

الخميس، 2 أكتوبر 2014

خطبة عيد الأضحى 1435 هـ

الخطبة الأولى: : الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
معاشر المسلمين: قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ أَعْظَمَ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمُ النَّحْرِ ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ ) فأعظم أيام الدنيا عند الله يوم عيد الأضحى- يوم النحر- ويوم القر هو أول أيام التشريق حيث يقر الحجيج في منى بعد أدائهم لأعمال اليوم العاشر من الرمي والذبح والحلق والطواف والسعي.

ففي يوم النحر تجتمع عبادتان من أجلِّ العبادات وهي عبادة الصلاة وعبادة النحر، وقد جمعهما الله سبحانه في آية واحدة فقال :"فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ" فالصلاة صلاة العيد والنحر نحر الأضاحي.
والحكمة من مشروعية ذبح الأضاحي هو إقامة ذكر الله وتحقيق التقوى بامتثال الأمر قال تعالى "وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (36) لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ "

وذبح الأضاحي أفضل من التصدق بثمنها لفعل النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة من بعده فعَنْ أَنَسٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ وَذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا.أي وضع رجله على أعناقها لئلا تضطرب الأضحية.
وأفضل الأضاحي الإبل ثم البقر ثم الغنم، وأفضلها أسمنها وأغلاها ثمنا، فعن سَهْل بْن حنيف قال : كُنَّا نُسَمِّنُ الأضْحِيَّةَ بِالْمَدِينَةِ ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُسَمِّنُونَ .

ويُتقى من الأضاحي العوراء البين عورها والعمياء من باب أولى، والعرجاء البين عرجها والذي يمنعها من اللحاق بالسليمة من الماشية، ومن باب أولى التي لا تمشي، والمريضة البين مرضها ، والعجفاء الهزيلة التي لا لحم فيها. ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم :لَا يَجُوزُ مِنْ الضَّحَايَا الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ عَرَجُهَا وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تُنْقِي"
ويشترط في المُضحى به من بهيمة الأنعام بلوغ السن المعتبرة شرعا، فالإبل ما أتمت خمسا ودخلت في السادسة، والبقر ما أتمت سنتان ودخلت في الثالثة، والمعز وما أتمت سنة ودخلت في الثانية.

وتجزئ الشاة الواحدة عن الرجل وأهل بيته، فعن أبي أيوب رضي الله عنه قال: كان الرجل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته ، فيأكلون ويطعمون" وإذا كانت العائلة كثيرة وهي في بيت واحد فيجزئ عنهم أضحية واحدة ، وإن ضحوا بأكثر من واحدة فهو أفضل .وتجزئ الإبل والبقر عن سبعة.

والسنة أن يذبح المضحي  بنفسه، أو يوكل غيره، فإذا أراد الذبح سمى وكبر، ثم يأكل منها لأمر الله تعالى حيث قال " فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ" ، ولفعل النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع حيث أَمَرَ مِنْ كُلِّ جَزُورٍ بِبَضْعَةٍ فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ فَأَكَلُوا مِنْ اللَّحْمِ وَحَسَوْا مِنْ الْمَرَقِ. ثم يهدي لأرحامه وجيرانه ويتصدق على الفقراء والمحتاجين.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد

  
جماعة المسلمين :لقد عاشت البشرية قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم في ظلمات الجهل والغواية ، قال صلى الله عليه وسلم:" وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمْ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا وَإِنَّ اللَّهَ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ إِلَّا بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ "

فبعث الله النبي صلى الله عليه وسلم ليخرج الناس من ظلمات الشرك والجاهلية إلى نور الإسلام  والتوحيد قال تعالى : " هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ " فأدى الأمانة وكشف الغمة وأزال الله به الظلمة،  قال تعالى : لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ " فاجتهد صلى الله عليه وسلم في تبليغ هذا الدين، وحرص على هداية الخلق.
وفي حجة الوداع أرسى النبي صلى الله عليه وسلم أهم القواعد التي تحقق للناس صلاحهم وسعادتهم في العاجل والآجل ، حتى قال ابن عباس رضي الله عنه في وصف خطبة حجة الوداع: " فوالذي نفسي بيده إنها لوصيته صلى الله عليه وسلم إلى أمته "

بل لأجل عظم هذه الوصية فتح الله عز وجل أسماع الناس في ذلكم اليوم فكانوا يسمعون كلامه صلى الله عليه وسلم وهم في منازلهم، فعن معاذ بن جبل رضي الله عته قال: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى فَفَتَحَ اللَّهُ أَسْمَاعَنَا حَتَّى إِنْ كُنَّا لَنَسْمَعُ مَا يَقُولُ وَنَحْنُ فِي مَنَازِلِنَا.

ومن الأسس التي أرساها النبي صلى الله عليه وسلم والتي تبين وسطية هذا الدين قوله صلى الله عليه وسلم في خطبته بعرفة "إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هذا" فتضمنت تحريم  دماء المسلمين  وأموالهم ، وأكد على ذلك ببيان أن حرمة دماءهم وأموالهم شديدة كحرمة بلد الله الحرام في اليوم الحرام وفي الشهر الحرام، فما أعظمها من حرمة .
وقد   توعد الله من اعتدى على دماء المسلمين بغير وجه حق بالعذاب الأليم قال تعالى: "
وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا "  ، بل قتل مسلم بلا حق أعظم عند الله سبحانه من زوال الدنيا بأسرها قال صلى الله عليه وسلم: "لزوال الدنيا  أهون على الله من قتل رجل مسلم" ، وقال صلى الله عليه وسلم: لو أن أهل السماء والأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار"
فما بال أقوام يتسرعون في دماء المسلمين، ويتهاونون فيها، ويتجرؤون على سفكها دون مراعاة لحرمتها.

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد

أيها المسلمون : من الأسس التي قررها النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع قوله "
وَدِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ وَإِنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُ مِنْ دِمَائِنَا دَمُ ابْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ كَانَ مُسْتَرْضِعًا فِي بَنِي سَعْدٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ وَرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُ رِبَانَا رِبَا عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ"  
فأبطل أمور الجاهلية التي تخالف الإسلام من القتل ونهب الأموال وانتهاك الأعراض وأكل أموال الناس بالباطل كالربا ونحوه

ومن أحيا شيئا من سنن الجاهلية فقد أبغضه الله، قال صلى الله عليه وسلم : " أَبْغَضُ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ ثَلَاثَةٌ مُلْحِدٌ فِي الْحَرَمِ وَمُبْتَغٍ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَمُطَّلِبُ دَمِ امْرِئٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لِيُهَرِيقَ دَمَهُ" 
ومن أمور الجاهلية التي نهى عنها الشرع الحنيف قول نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يَتْرُكُونَهُنَّ الْفَخْرُ فِي الْأَحْسَابِ وَالطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ وَالْاسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ وَالنِّيَاحَةُ وَقَالَ النَّائِحَةُ إِذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا تُقَامُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَيْهَا سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ وَدِرْعٌ مِنْ جَرَبٍ

أيها المسلمون : من الأسس التي قررها النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع قوله : "
 وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنْ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ كِتَابُ اللَّهِ "  فهذه وصية بكتاب الله تعالى الذي يدعو لكل خير وفضيله وينهى عنن كل شر وفساد قال تعالى : " إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ  "  فمن اتبعه اهتدى وسلم من الهلكة، ومن أعرض عنه توعده الله بالعقوبة قال تعالى  : فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ، قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا ، قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى"
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد


الخطبة الثانية : الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد
من الوصايا النبوية في حجة الوداع قوله صلى لله الله عليه وسلم: " فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللَّهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ "
وفي هذا التوجيه وصية للرجال بالنساء ، بأن يتقوا الله تعالى فيهن ، فيؤدون حقوقهن التي أوجب الله عليهم، وفيه توجيه للنساء أيضا بحفظ بيتها وزوجها وأن تؤدي ما اوجبه الله عليها من حق له ، وفي تحقيق ذلك استقرار الأسر وحماية المجتمعات  .

يا معاشر النساء : اسعينَ رحمكنَّ الله إلى فكاك أنفسكُنُّ من النار، فقد قال صلى الله عليه وسلم: " وَنَظَرْتُ فِي النَّارِ فَإِذَا أَكْثَرُ أَهْلِهَا النِّسَاءُ " وقال -صلى الله عليه وسلم- « يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ وَأَكْثِرْنَ مِنَ الاِسْتِغْفَارِ فَإِنِّى رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ ». فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ جَزْلَةٌ وَمَا لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ قَالَ « تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ "  ، وروى أحمد في المسند قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ الْفُسَّاقَ هُمْ أَهْلُ النَّارِ. قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَمَنْ الْفُسَّاقُ ؟ قَالَ النِّسَاءُ. قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَوَلَسْنَ أُمَّهَاتِنَا وَأَخَوَاتِنَا وَأَزْوَاجَنَا ؟ قَالَ: بَلَى وَلَكِنَّهُمْ إِذَا أُعْطِينَ لَمْ يَشْكُرْنَ وَإِذَا ابْتُلِينَ لَمْ يَصْبِرْنَ "

والسبيل إلى الخلاص من النار هو أن تأَدينَ حقَّ الله عليكُنَّ بأداءِ ما فرضه الله، وانتهينَ عما نهاكُنَّ عنه تَكنَّ من أهل الفوز والسعادة قال صلى الله عليه وسلم (إِذَا صَلَّتْ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ ) .

أختي المسلمة : اعلمي أن سبب نهضة الأمة هو قرارك في مملكتك وهو بيتك، والتزامك بحجابك وحشمتك، فإن فعلت ذلك فقد صُنتِ المجتمع من فتنة عمياء صماء مهلكة، قال عليه الصلاة والسلام: ألا فاتَّقوا الدُّنيا، واتَّقوا النساءَ، فإنَّ أولَ فتنةِ بَني إسرائيلَ كانتْ في النساءِ "
وإياك والتبرج فإنه سبب للعذاب قال صلى الله عليه وسلم: صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا : نِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مَائِلاَتٌ مُمِيلاَتٌ رُءُوسُهُنَّ كَأَمْثَالِ أَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ ، لاَ يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلاَ يَجِدْنَ رِيحَهَا ، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ كَذَا وَكَذَا ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ

ولتؤدي المرأة حق زوجها عليها فإنه من أعظم الحقوق بعد حق الله تعالى قال صلى الله عليه وسلم:وَاَلَّذِي نَفْس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَا تُؤَدِّي الْمَرْأَة حَقَّ رَبّهَا حَتَّى تُؤَدِّي حَقَّ زَوْجهَا وَلَوْ سَأَلَهَا نَفْسهَا وَهِيَ عَلَى قَتَب لَم ْتَمْنَعهُ " ، وفي رواية  : ولا تجد امرأة حلاوة الإيمان حتى تؤدي حق زوجها.."

 واصبري على زوجك فإنه من نعم الله عليك روى البخاري في الأدب المفرد الأدب عن أسماء رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ فِي الْمَسْجِدِ وَعُصْبَةٌ مِنَ النِّسَاءِ قُعُودٌ قَالَ بِيَدِهِ إِلَيْهِنَّ بِالسَّلَامِ فَقَالَ: (إِيَّاكُنَّ وَكُفْرَانَ الْمُنْعِمِينَ إِيَّاكُنَّ وَكُفْرَانَ الْمُنْعِمِينَ) قَالَتْ: إِحْدَاهُنَّ نَعُوذُ بِاللَّهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ مِنْ كُفْرَانِ نِعَمِ اللَّهِ. قَالَ: (بَلَى إِنَّ إِحْدَاكُنَّ تَطُولُ أَيْمَتُهَا ثُمَّ تَغْضَبُ الْغَضْبَةَ فَتَقُولُ وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ مِنْهُ سَاعَةً خَيْرًا قَطُّ فَذَلِكَ كُفْرَانُ نِعَمِ اللَّهِ وذلك كفران المنعمين"

ولا تكثري من طلب الطلاق لأتفه الأسباب فإنه من كبائر الذنوب والموبقات قال صلى الله عليه وسلم: أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلاَقَ مِنْ غَيْرِ مَا بَأْسٍ لَمْ تَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ "

  وأنت أيها المسلم، يا من جعلك الله وليا على هذه المرأة، أبا كنت أو زوجا أو أخا، فإنك مأمور بوقاية نسائك ومن هم تحت ولايتك من النار بتأديبهم وتعليمهم أمور الدين وحملهم عليها قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) ، ثم ستحاسب على ذلك بين يدي الله قال صلى الله عليه وسلم: إن الله سائل كل راع عما استرعاه: أحفظ أم ضيع، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته"

معاشر الرجال : استوصوا بالنساء خيرا فهذه وصية الرسول صلى الله عليه وسلم لنا نحن الرجال فقال ( وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا " وقال صلى الله عليه وسلم (خيركم خيركم لأهله) فأدوا إليهن حقهن ، واصبروا عليهن قال تعالى { وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} ، ومن كان ذا زوجتين فليعدل بينهن قال صلى الله عليه وسلم: من كانت عنده امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه ساقط"

 الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد