الخميس، 22 يناير 2015

فضيلة الصلاة ومقاصدها - بعض الأحكام المتعلقة بالصلاة .

الخطبة الأولى: جماعة المسلمين يَقُولَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: "إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً" فَالصَّلاَةُ مِنْ أَعْظَمِ رَكَائِزِ الدِّينِ، وَأَنْفَعِهَا فِي الْعَالَمِينَ، وَهِيَ ثَانِي أَرْكَانِ الإِسْلاَمِ، وَدَعَائِمِهِ الْعِظَامِ، فَهِيَ بَعْدَ الشَّهَادَتَيْنِ آكَدُ مَفْرُوضٍ، وَأَعْظَمُ مَأْمُورٍ، وَأَجَلُّ طَاعَةٍ، وَأَرْجَى بِضَاعَةٍ، مَنْ حَفِظَهَا حَفِظَ دِينَهُ، وَمَنْ أَضَاعَهَا فَهُوَ لِمَا سِوَاهَا أَضْيَعُ، وَهِيَ عَمُودُ الدِّيَانَةِ، وَرَأْسُ الأَمَانَةِ، قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: «رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلاَمُ، وَعَمُودُهُ الصَّلاَةُ»

وَمَنْزِلَتُهَا فِي الإِسْلاَمِ عَظِيمَةٌ، وَمَكَانَتُهَا كَبِيرَةُ، وَهِيَ دَأْبُ النَّبِيِّينَ، وَمَحلُّ عِنَايَةِ الْمُرْسَلِينَ, فَهَذَا الْخَلِيلُ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ دَعَا رَبَّهُ فَقَالَ: "رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ" وَقَالَ سُبْحَانَهُ: "وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ" وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ فَقَالَ تَعَالَى: "وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ" وَقَالَ سُبْحَانَهُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: "وَاذْكُرْ فِي الكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِياًّ ، وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عَنْدَ رَبِّهِ مَرْضِياًّ" وَهِيَ أَمْرُ اللَّهِ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ وَأُمَّتِهِ، قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: "وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى".

أَيُّهَا الْمُصَلُّونَ: اعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ أَدَّى الصَّلاَةَ بِحَقِّهَا كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى عَهْدٌ بِالْجَنَّةِ، وَلِذَلِكَ أَمَرَ سُبْحَانَهُ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: "حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ". وقال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ فَمَنْ جَاءَ بِهِنَّ لَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ " 

جَعَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى قُرَّةً لِلْعُيُونِ، وَمَفْزَعًا لِلْمَحْزُونِ، وَدَافِعَةً لِلْهُمُومِ، وَقَدْ كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا أَهَمَّهُ أَمْرٌ فَزعَ إِلَى الصَّلاَةِ، وَكَانَ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ عَنْهَا: «جُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلاَةِ». فَيَا مَنْ ضَاقَتْ عَلَيْهِ السُّبُلُ، وَأَصَابَهُ مِنْ دُنْيَاهُ التَّعَبُ، عَلَيْكَ بِالصَّلاَةِ، فَإِنَّهَا رَاحَةٌ لِقَلْبِكَ، وَسَكِينَةٌ لِنَفْسِكَ، فَقَدْ كَانَ رَسُولُ الله   صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: « يَا بِلاَلُ أَقِمِ الصَّلاَةَ أَرِحْنَا بِهَا». فَهِيَ خُضُوعٌ وَخُشُوعٌ، وَافْتِقَارٌ وَاضْطِرَارٌ، وَدُعَاءٌ وَثَنَاءٌ، وَتَحْمِيدٌ وَتَمْجِيدٌ، وَتَذَلُّلٌ لله الْعَلِيِّ الْحَمِيدِ، يَقُولُ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ فِي صَلاَتِهِ فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ». 

وَإِنَّ الصَّلاَةَ سَبَبٌ لِكُلِّ خَيْرٍ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، يَقُولُ نَبِيُّنَا صلى الله عليه وسلم: «وَالصَّلاَةُ نُورٌ» قال ابن القيم رحمه الله : "  فما استُدْفِعَتْ شرورُ الدُّنيا والآخرة، ولا استُجْلِبَت مصالِحُهُمَا بمثل الصلاة، وسِرُّ ذلك أنَّ الصلاة صِلةٌ باللهِ عَزَّ وجَلَّ، وعلى قدر صِلَةِ العبد بربه عَزَّ وجَلَّ تُفتح عليه من الخيرات أبوابَها، وتُقطعُ عنه من الشرور أسبابَها، وتُفِيضُ عليه موادُ التوفيق مِن ربه عَزَّ وجَلَّ، والعافيةُ والصحة، والغنيمةُ والغِنى، والراحةُ والنعيم، والأفراحُ والمسرَّات، كلها محضرةٌ لديه، ومسارِعةٌ إليه" 

وَهِيَ مِفْتَاحُ قَبُولِ الأَعْمَالِ، وأولُ مَا يُحاسَبُ عليهِ العبدُ بَيْنَ يَدَيْ ربِّ العالمينَ، فإِنْ صلحَتْ كانَ مِنَ الفائزينَ، وفِي الجنةِ مِنَ الخالدينَ، وإِنْ فسدَتْ كانَ مِنَ النادمينَ؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلاَتُهُ، فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ، فَإِنِ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَىْءٌ قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِى مِنْ تَطَوُّعٍ؟ فَيُكَمَّلَ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنَ الْفَرِيضَةِ، ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى ذَلِكَ»

 وَهي سَبَبٌ لِلاِرْتِقَاءِ فِي الطَّاعَاتِ وَنَيْلِ كَرِيمِ الْخِصَالِ، فَهَنِيئًا لِمَنِ اسْتَقَامَ فِي صَلاَتِهِ وَأَخْلَصَ فِي أَعْمَالِهِ، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «اعْلَمُوا أَنَّ خَيْرَ أَعْمَالِكُمُ الصَّلاَةُ». بها ترفع الدرجات في الجنة قال صلى الله عليه وسلم:"ما من عبد يسجد لله سجدة إلا رفعه الله بها درجه ، وحط عنه بها خطيئة ، وكتب له بها حسنة"

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ الصلاةَ تَمنعُ الْمُحَافِظَ عَلَيْهَا مِنَ المعاصِي، وَتَنْهَاهُ عَنِ الفحشاءِ والْمُنكَرِ، وَتهدِيهِ إلَى الصَّوابِ، وتُعينُهُ عَلَى الإقبالِ عَلَى اللهِ تعالَى بظاهِرِهِ وَبَاطنِهِ يقولُ ربُّنا تعالَى: "إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ" وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: إِنَّ فُلَانًا يُصَلِّي بِاللَّيْلِ، فَإِذَا أَصْبَحَ سَرَقَ , قَالَ: " إِنَّهُ سَيَنْهَاهُ مَا يَقُولُ " ، والمقصود بالصلاة التي تهذب النفس الصلاة الصحيحة بأركانها وشروطها وواجباتها وخشوعها. قال ابن تيمية: (فَإِنَّ الصَّلَاةَ إذَا أَتَى بِهَا كَمَا أُمِرَ نَهَتْهُ عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ , وَإِذَا لَمْ تَنْهَهُ دَلَّ عَلَى تَضْيِيعِهِ لِحُقُوقِهَا , وَإِنْ كَانَ مُطِيعًا . وَقَدْ قَالَ تَعَالَى : { فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ } الْآيَةَ . وَإِضَاعَتُهَا التَّفْرِيطُ فِي وَاجِبَاتِهَا , وَإِنْ كَانَ يُصَلِّيهَا"ا.هـ  ، فحَتَّى تُؤْتِي الصلاةُ ثِمَارَهَا فَإنّ عَلَى الْمُصَلِّي أَنْ يقومَ بقلْبٍ حاضِرٍ مُنيبٍ، مُستحضِرًا الخشوعَ للهِ تعالَى، مُفَرِّغًا قلبَهُ مِنَ مشاغِلِ الدنيَا، مُقبلاً عَلَى ربِّهِ بظاهرِهِ وباطنِهِ، يرجُو رحمتَهُ، ويسألُهُ مِنْ فضلِهِ العظيمِ، فالصلاةُ المستوفِيَةُ للشروطِ والأركانِ هِيَ التِي يُرْجَى قبولُهَا، ويُأمَلُ وصولُهَا، وَمَنْ لَمْ يحفَظْ للصلاةِ حقَّهَا فَقَدْ فرَّطَ وضيَّعَ، فعَنْ أَبِي قَتَادَةَ الأنصارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَسْوَأُ النَّاسِ سَرِقَةً الَّذِي يَسْرِقُ مِنْ صَلاَتِهِ». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يَسْرِقُ مِنْ صَلاَتِهِ؟ قَالَ: «لاَ يُتِمُّ رُكُوعَهَا وَلاَ سُجُودَهَا -أَوْ قَالَ- لاَ يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ» 

فَاللَّهُمَّ ارْزُقْنَا المحافظةَ علَى الصلواتِ، وتقبَّلْ منَّا الطاعاتِ، وارْفَعْ لنَا الدرجاتِ، ووَفِّقْنَا جَمِيعًا لِطَاعَتِكَ.
نَفَعَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَبِسُنَّةِ نَبِيِّهِ الْكَرِيمِ صلى الله عليه وسلم


الخطبة الثانية : جماعة المسلمين : لأهمية الصلاة في الإسلام نقف معها وقفات مهمة نتعلم منها بعض الأحكام ، الوقفة الأولى : دلت الأدلة الصحيحة على أن الصلاة المفروضة تجب على الرجال جماعة في المسجد ولا يجوزُ أن تصلى الصلاةُ المفروضةُ دون الجماعةِ لغيرِ عذرِ ، فقد جاء رجل أعمى من أهل المدينة يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أن يصلي في داره ، وذلك بسبب كونه أعمى قد كبر سنه ، وليس له قائد يلازمه إلى المسجد ، ولبعد داره عن المسجد ووجود الهوام والسباع في المدينة ، ومع كل ذلك لم يرخص له النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي في بيته ،  فقَالَ له النبي صلى الله عليه وسلم : هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ  : لا أَجِدُ لَكَ رُخْصَةً . رواه مسلم
وتوعد النبي صلى الله عليه وسلم تارك الجماعة بالإحراق بالنار ، فقَالَ : لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ فِتْيَتِي فَيَجْمَعُوا حُزَمًا مِنْ حَطَبٍ ثُمَّ آتِيَ قَوْمًا يُصَلُّونَ فِي بُيُوتِهِمْ لَيْسَتْ بِهِمْ عِلَّةٌ فَأُحَرِّقَهَا عَلَيْهِمْ  " 

عباد الله : صلاةُ الجماعةِ أجرها عظيم وفضلها جزيل ، ندم وخسر من خسر هذا الفضل  فمن أجر صلاة الجماعة ، ما رواه أبو هريرة أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : أَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ ؟ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ .  قَالَ : إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ  وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ  ، ومن أجرِ صلاةِ الجماعةِ ، أن مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ مُتَطَهِّرًا إِلَى صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْحَاجِّ الْمُحْرِمِ " ومَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ  . بهذا صحت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم.

أما الوقفة الثانية فهي أن الله سبحانه وتعالى جعل للصلاة أوقاتا معلومة لا يجوز للمسلم أن يتجاوزها ، قال تعالى: " إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا "  وأداء الصلاة في غير وقتها من غير عذر كبيرة من الكبائر ، تُوِعِدَ فاعلُ ذلك بالويل والعذاب قال تعالى " فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ ،الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ" ، عن مصعب بن سعد قال : قلت لأبي : يا أبتاه أرأيت قوله تبارك وتعالى (الذين هم عن صلاتهم ساهون) أينا لا يسهو أينا لا يحدث نفسه ؟ قال : ليس ذاك إنما هو إضاعة الوقت يلهو حتى يضيع الوقت . وقال صلى الله عليه وسلم: (من فاتته صلاة فكأنما وتر أهله وماله) .

ومن هنا نعلم خطأ كثير من الناس الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها لغير عذر شرعي كمن يلعب الكرة بعد العصر حتى يخرج وقت المغرب ويدخل وقت العشاء أو من يلهيه العمل حتى يخرج وقت الصلاة ، أو من ينام عن الصلاة المكتوبة وخصوصا صلاة الفجر التي تعود الناس تركها والنوم عنها فهؤلاء متوعدون بالعذاب ،  قال صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّهُ أَتَانِي، اللَيْلَةَ، آتِيَانِ، وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي، وَإِنَّهُمَا قَالاَ لِي: انْطَلِقْ وَإِنِّي انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا، وَإِنَّا أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ، وَإِذَا هُوَ يَهْوِي بِالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ، فَيَثْلَغُ رَأْسَهُ فَيَتَهَدْهَدُ الْحَجَرُ ههُنَا، فَيَتْبَعُ الْحَجَرَ، فَيَاْخُذُهُ، فَلاَ يَرْجِعُ إِلَيْهِ حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الأُولَى.قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: سُبْحَانَ اللهِ مَا هذَان فقالا: أمّا الرجل الذي أتيتَ عليه يُثلغ رأسه بالحجر فإنّه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه، وينام عن الصلاة المكتوبة)) 

والتخلف عن صلاة الفجر في الجماعة من صفات المنافقين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  إن أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا ) فحافظوا على الصلاة في أوقاتها المعلومة ولا تضيعوها فتهلكوا . 

الوقفة الثالثة : فقد قال صلى الله عليه وسلم ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) فمن أجل أن تكون الصلاةُ صحيحةً مقبولةً عند الله فلا بد أن يصليها المسلم كما صلاها النبي صلى الله عليه وسلم . قال ابن القيم : حاجة الناس إلى معرفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم أعظم من حاجتهم إلى الطعام والشراب " 

والصلاة تتفاوت في الأجر والقبول عند الله بحسب إتقانها وإقبال القلب على الله فيها ، فعن عمار بن ياسر، قال: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول: ( إن الرجُلَ لَيَنْصَرفُ وما كُتبَ له إلا عُشرُ صلاة ، تُسعُها، ثُمُنُها، سُبُعُها، سُدسُها، خُمسُها، رُبُعُها، ثُلُثُها، نِصْفُها " 
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الرجل ليصلي ستين سنة وما تقبل له صلاة لعله يتم الركوع ولا يتم السجود ويتم السجود ولا يتم الركوع "

فكثير من المصلين – هداهم الله – إذا دخلوا في الصلاة كان همهم قضاؤها كأنها ثقل يرمونه عن ظهورهم مع أنهم يناجون ربهم وإلههم قال صلى الله عليه وسلم : إذا كان أحدكم في صلاة فإنه يناجي ربه فلينظر أحدكم ما يقول في صلاته ولا ترفعوا أصواتكم فتؤذوا المؤمنين " 

فلا يبالي بأدائها على الوجه الصحيح ، فلا يقيم ظهره في الركوع والسجود ، أو لا يجاهد نفسه على الخشوع في الصلاة ، أو يسابق الإمام في أفعال الصلاة ، أو يرفع بصره إلى الأعلى ، أو يتلفت عن اليمبن أو الشمال ، أو لا يبالي بلباسه في الصلاة ، ولا بقراءته فيها ، وغير ذلك مما يضيع أجر الصلاة أو يبطلها . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق