الجمعة، 22 مايو 2015

خطبة جمعة : فوائد من وصية النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس

الخطبة الأولى : اعلموا رحمكم الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قد خصه الله بجملة من الخصائص التي تميز بها دون غيره لمكانته وعلة شأنه، ومن ذلك أنه أوتي جوامع الكلم واختصر له الكلام اختصارا، فاللَّهَ يَجْمَعُ الْأُمُورَ الْكَثِيرَةَ الَّتِي كَانَتْ تُكْتَبُ فِي الْكُتُبِ قَبْلَهُ فِي الْأَمْرِ الْوَاحِدِ وَالْأَمْرَيْنِ من كلامه صلى الله عليه وسلم فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ-رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا وَأُرْسِلْتُ إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ"

ومن جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم ووصاياه العظيمة ما رواه الترمذي وأحمد عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ رَدِيفَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " يَا غُلامُ، أَوْ يَا غُلَيِّمُ، أَلا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللهُ بِهِنَّ؟ " فَقُلْتُ: بَلَى. فَقَالَ: " احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ، تَعَرَّفْ إِلَيْهِ فِي الرَّخَاءِ، يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ، وَإِذَا سَأَلْتَ، فَاسْأَلِ اللهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ، فَاسْتَعِنْ بِاللهِ، قَدْ جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ، فَلَوْ أَنَّ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ جَمِيعًا أَرَادُوا أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللهُ عَلَيْكَ، لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ، وَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللهُ عَلَيْكَ، لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ، وَاعْلَمْ أنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْرًا كَثِيرًا، وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا "
قد تضمنت هذه الكلمات على قلت حروفها وصايا عظيمة، وقواعد كلية من أصول الدين، تتعلق بعلاقة العبد بربه، وبالإيمان بالقضاء والقدر، حتى قال بعض العلماء:تدبرت هذا الحديث فأدهشني وكدت أطيش، فوا أسفى من الجهل بهذا الحديث وقلة التفهم لمعناه.

عباد الله : لنقف مع كلمات هذه الوصية العظيمة، لننهل من معينها، وننير دربنا من معانيها، فإنها منهج حياة وطريق سلامة.

فمما دل عليه الحديث اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بغرس وتأصيل العقيدة السلمية في نفوس الصحابة خصوصا الصغار منهم، فهذا ابن عباس وقد كان صغيرا لما أوصاه النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الوصية، فابن عباس كان عمره لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم قريبا من اثنتي عشرة سنة، لذلك كان على الآباء والمربين أن يعلموا أبناءهم أركان الإيمان والإسلام ومعانيها منذ الصغر، لأن العقيدة الصحيحة هي الأساس الذي تبنى عليه أعمال الجوارح، وبفسادها تفسد الأعمال ويتعرض صاحبها للهلاك، قال ابن القيم في كتابه الفذ تحفة المودود بأحكام المولود " فَإِذا كَانَ وَقت نطقهم فليلقنوا لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله وَليكن أول مَا يقرع مسامعهم معرفَة الله سُبْحَانَهُ وتوحيده وَأَنه سُبْحَانَهُ فَوق عَرْشه ينظر إِلَيْهِم وَيسمع كَلَامهم وَهُوَ مَعَهم أَيْنَمَا ... وَلِهَذَا كَانَ أحب الْأَسْمَاء إِلَى الله عبد الله وَعبد الرَّحْمَن بِحَيْثُ إِذا وعى الطِّفْل وعقل علم أَنه عبد الله وَأَن الله هُوَ سَيّده ومولاه  " 
وقد أمر الله الآباء والمربين بوقاية أهليهم من كل ما يضرهم ولا ينفعهم قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ" .

إخواني الأفاضل ومن وصايا النبي صلى الله عليه وسلم " احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ" فيها الوصية بحفظ العبد لربه، وذلك بمراقبته وطاعته، فيحفظ العبد حدود ربه وحقوقه وأوامره ونواهيه، فيقف عند الأوامر بالامتثال وعند نواهيه بالاجتناب وعند حدوده فلا يتجاوز ما أمر به وأذن فيه إلى ما نهى عنه، فمن فعل ذلك كان من الحافظين لحدود الله الذين مدحهم في كتابه بقوله " وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ ، هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ ، مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ"

فَهَذِهِ الْوَصِيَّةُ تَحُثُّ الْمَرْءَ عَلَى أَنْ يَحْفَظَ جَوَارِحَهُ، وَيَصُونَ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ؛ فَلاَ يَسْتَمِعُ إِلَى مَا يُغْضِبُ اللَّهَ تَعَالَى، وَلاَ يَنْظُرُ إِلَى مَا لاَ يُرْضِيهِ, قَالَ سُبْحَانَهُ:( إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا). وَكَذِلَكَ يَحْفَظَ لِسَانَهُ؛ فَلاَ يَقُولُ إِلاَّ الْقَوْلَ الْحَسَنَ الْجَمِيلَ، ويحفظ فرجه عن الحرام فلا يضعه إلا في حلال ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :« مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الجَنَّةَ».  وَيَتَّقِيَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ فِي كَسْبِ مَالِهِ، فَلاَ يَأْكُلُ إِلاَّ مِنْ حَلاَلٍ، وَلاَ يُنْفِقُ إِلاَّ فِي الْحَلاَلِ، قَالَ تَعَالَى:( يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً). وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَحْفَظَ حُقُوقَ الْعِبَادِ، وَيُرَاعِيَ الأَمَانَةَ، وَيَعْدِلَ وَيَلْتَزِمَ الأَخْلاَقَ الْجَمِيلَةَ، فَيَكُونَ نَقِيَّ الْقَلْبِ، حَسَنَ التَّعَامُلِ.

وإن مِمَّا يُعِينُ عَلَى حِفْظِ مَحَارِمِ اللَّهِ تَعَالَى اسْتِشْعَارَ جَلاَلِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَظَمَتِهِ، وَاسْتِحْضَارَ مُرَاقَبَتِهِ سُبْحَانَهُ، وَاطِّلاَعِهِ عَلَى خَلْقِهِ، وَهُو مَا حَثَّنَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم فقَالَ:« الإِحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ». فَاللَّهُ تَعَالَى رَقِيبٌ عَلَى مَا نَعْمَلُ، قَالَ عَزَّ وَجَلَّ:( وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا). فَهُوَ سُبْحَانَهُ عَالِمٌ بِالسَّرَائِرِ، وَقَدْ دَعَانَا رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم إِلَى مُرَاقَبَتِهِ سُبْحَانَهُ في جميع الأحوال فَقَالَ :« اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ» 

وإن مما يعين على حفظ الله دعاء العبد ربه بأن يعينه على ذلك، ولذلك كان النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ مِنْ دُعَاءِ رَبِّهِ، فَيَقُولُ :« اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ، وَمِنْ خَلْفِي، وَعَنْ يَمِينِي، وَعَنْ شِمَالِي، وَمِنْ فَوْقِي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي» وكان يقول : "اللَّهُمَّ احفظني بالإسلام قائماً ، واحفظني بالإسلام قاعداً ، واحفظني بالإسلام راقداً ، ولا تُطِعْ فيَّ عدواً ولا حاسداً " 

عِبَادَ اللَّهِ: كما دلت الوصية على أن الجزاء من جنس العمل،فمن حفظ الله حفظه الله ومن ضيع تقواه فقد ضيع نفسه والله غني عنه، فمِنْ ثَمَراتِ حِفْظِ اللَّهِ تَعَالَى مَحَبَّتَهُ لِلْمَرْءِ وَرِعَايَتَهُ لَهُ، وَلُطْفَهُ بِهِ، وَتَوْفِيقَهُ وَتَسْدِيدَهُ وَتَأْيِيدَهُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :« احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ». أَيْ يُعِينُكَ بِقُدْرَتِهِ، وَيَفْتَحُ لَكَ أَبْوَابَ رَحْمَتِهِ، وَيَرْزُقُكَ مِنْ فَضْلِهِ الْعَمِيمِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ الْمُعْطِي الْمَانِعُ، الضَّارُّ النَّافِعُ، قَالَ سُبْحَانَهُ:( مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ). وَمَنْ حَفِظَ اللَّهَ تَعَالَى فِي نَفْسِهِ حَفِظَهُ فِي بَدَنِهِ وَوَلَدِهِ وَمَالِهِ، فَالرَّجُلُ الصَّالِحُ يُحْفَظُ فِي ذُرِّيَّتِهِ، وَتَشْمَلُ بَرَكَةُ عِبَادَتِهِ أَوْلاَدَهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، قَالَ تَعَالَى:( وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً) أي حفظا بصلاح أبيهما، وَمَنْ حَفِظَ اللَّهَ تَعَالَى فِي شَبَابِهِ وَقُوَّتِهِ، حَفِظَهُ اللَّهُ فِي حَالِ كِبَرِهِ وَضَعْفِه، وَمَتَّعَهُ بِسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ وَعَقْلِهِ، قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: هَذِهِ جَوَارِحٌ حَفِظْنَاهَا عَنِ الْمَعَاصِي فِي الصِّغَرِ، فَحَفِظَهَا اللَّهُ عَلَيْنَا فِي الْكِبَرِ.


الخطبة الثانية : عباد الله ومن وصية النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس قوله:" تَعَرَّفْ إِلَيْهِ فِي الرَّخَاءِ، يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ" فمن اتقى الله في الرخاء وقاه الله ما يكره ويسر له أموره وهوّن عليه الشدائد وكشف غمه ونفس كربته.
 ومن وصية النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس قوله " وَإِذَا سَأَلْتَ، فَاسْأَلِ اللهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ، فَاسْتَعِنْ بِاللهِ" وفيها تحقيق التوحيد بالاستغناء بالله عن خلقه بترك سؤالهم وترك الاستعانة بهم وصرف ذلك لله وحده، فينزل العبد حوائجه بربه ويطلب العون منه .

ومن وصية النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس قوله "قَدْ جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ، فَلَوْ أَنَّ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ جَمِيعًا أَرَادُوا أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللهُ عَلَيْكَ، لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ، وَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللهُ عَلَيْكَ، لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ"  وفيها إثبات للقدر خيره وشره، وأن ما يقع من المنافع والمضار والمصائب للعبد مقدر مكتوب، قال تعالى : " مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ " وأن الخلق لا يقدرون على تغير ما سبق به القدر، وأن ما أصاب الإنسان لم يكن ليخطئه، وما أصاب غيره لم يكن ليصيبه، فالله قد كتب مقادير الخلائق قبل خلقهم ، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الْخَلاَئِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ - قَالَ - وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ " رواه مسلم 

ومن وصية النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس قوله " وَاعْلَمْ أنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْرًا كَثِيرًا، وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا"  وفيها الأمر والحث على الصبر فإن العبد إذا أصابته المصائب المؤلمة المكتوبة عليه فليس أمامه إلا الصبر عليها، فإن صبر عليها كان له فيها خير كثير، وإن لم يصبر كانت المصيبة مصيبتان الأولى فيما أصابه والثانية في تسخطه وعدم رضاه، وقد أثنى الله على الصابرين عند المصائب فقال :" وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ، الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ" 

وفي الوصية الإرشاد إلى حسن الظن بالله وانتظار الفرج واليسر عند الكرب، قال تعالى :" فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا" وقال سبحانه " سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا" 

وفي الوصية البشارة بالنصر إذا تحقق الصبر قال تعالى " قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ"  وأن الإيمان بالقضاء والقدر يهون المصيبة ويعين على الصبر .

عباد الله : اعْلَمُوا أنّه قد أظلكم شهر مبارك، هو شَهْرُ شَعْبَان، عَظِيمُ الْمَنْزِلَةِ، جَلِيلُ الْقَدْرِ، فَهُوَ مُقَدِمَةٌ لِرَمَضَانَ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَجْتَهِدُ فِيهِ بِالصِّيَامِ، لِمَا فِيهِ مِنَ الأَجْرِ الْكَرِيمِ وَالثَّوَابِ الْعَظِيمِ، فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: لَمْ يَكُنِ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَصُومُ شَهْراً أَكْثَرَ مِنْ شَعْبَانَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ. فَلَمَّا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ قَالَ صلى الله عليه وسلم :« ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ». وَفِي شَعْبَانَ تُرْفَعُ الأَعْمَالُ، وَيَغْفِرُ الهَُ ل تَعَالَى لِعِبَادِهِ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم :« إِنَّ اللَّهَ لَيَطَّلِعُ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ، إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ». فَهَنِيئًا لِمَنْ طَابَتْ سَرِيرَتُهُ، وَسَطَّرَ بِالْحَسَنَاتِ صَحِيفَتَهُ، وَاسْتَثْمَرَ شَهْرَ شَعْبَانَ فِي الصَّوْمِ، وَالْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ وَأَعْمَالِ الْخَيْرِ، فَرُفِعَ عَمَلُهُ، وَغُفِرَ ذَنْبُهُ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق