الجمعة، 13 مايو 2016

خطبة جمعة : ذكر الله تعالى

 جماعة المسلمين قال ربنا سبحانه وتعالى : "فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ " قال ابن القيم رحمه الله: مبنى الدين على قاعدتين : الذكر والشكر، قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ :إِنِّي لَأُحِبُّكَ يَا مُعَاذُ . فَقال: وَأَنَا أُحِبُّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَلَا تَدَعْ أَنْ تَقُولَ فِي كُلِّ صَلَاةٍ رَبِّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ " . ا.هـ فالذكر والشكر جماع السعادة والفلاح.

وقد رغب الله سبحانه وتعالى في الإكثار من ذكره فقال : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا
وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا " ، وبين جلّ وعلا أن من صفات أولي الألباب كثرة الذكر فقال: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ، الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ" 

فمن أفضل الأعمال التي يتقرب بها العباد إلى ربهم مع يسرها  ذكر الله سبحانه وتعالى،روى الترمذي عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ قَالُوا بَلَى . قَالَ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى.

الله أكبر ! ما أعظمها من عبادة وما أيسره من تعبد ، " فإن حركة اللسان أخفُ من حركات الجوارح وأيسرها ولو تحرك عضو من الإنسان في اليوم والليلة بقدر حركة لسانه لشق عليه غاية المشقة بل لا يمكنه ذلك " 

ولأجل ذلك ورد في بعض الآثار أن أهل الجنة على ما هم فيه من النعيم الدائم فإنهم يتحسرون على ساعة مرت بهم لم يذكروا الله عز وجل فيها، لأن ذكر الله غراسُ الجنة ، فكلما أكثرت من ذكر الله زاد غِراسك في الجنة ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  لَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ أَقْرِئْ أُمَّتَكَ مِنِّي السَّلَامَ وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الْجَنَّةَ طَيِّبَةُ التُّرْبَةِ عَذْبَةُ الْمَاءِ وَأَنَّهَا قِيعَانٌ وَأَنَّ غِرَاسَهَا سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ  , وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر غرس له بكل واحدة منهن شجرة في الجنة .

جماعة المسلمين : لذكر الله فوائد جمة تعود على العبد ، منها أنه يورث ذكر الله للعبد،  فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ قَالَ : مَنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي وَمَنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ مِنْ النَّاسِ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَطْيَبَ " قال ابن القيم " ولو لم يكن في الذكر إلا هذه وحدها لكفى به شرفا وفضلا  .

أيها المسلم أيعجز لسانك أن يقول وقت فراغه سبحان الله ،والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر ، أتعجز عن هذا ونبينا صلوات الله وسلامه عليه يقول  " لَأَنْ أَقُولَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ "  ، وروى ابن ماجة بسند صحيح عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِمَّا تَذْكُرُونَ مِنْ جَلَالِ اللَّهِ التَّسْبِيحَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّحْمِيدَ يَنْعَطِفْنَ حَوْلَ الْعَرْشِ لَهُنَّ دَوِيٌّ كَدَوِيِّ النَّحْلِ تُذَكِّرُ بِصَاحِبِهَا أَمَا يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَوْ لَا يَزَالَ لَهُ مَنْ يُذَكِّرُ بِهِ . 

وتأمَّلوا هذا الثواب العظيم المترتِّب على هؤلاء الكلمات، عمل قليل وأجر كبير ، ومثله ما رواه مسلم عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكْسِبَ، كُلَّ يَوْمٍ أَلْفَ حَسَنَةٍ؟» فَسَأَلَهُ سَائِلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ: كَيْفَ يَكْسِبُ أَحَدُنَا أَلْفَ حَسَنَةٍ؟ قَالَ: «يُسَبِّحُ مِائَةَ تَسْبِيحَةٍ، فَيُكْتَبُ لَهُ أَلْفُ حَسَنَةٍ، أَوْ يُحَطُّ عَنْهُ أَلْفُ خَطِيئَةٍ» 

ذِكر الله – يا عباد الله - هو حياة القلوب فلا حياة لها إلا به ، روى البخاري في صحيحه عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لَا يَذْكُرُ رَبَّهُ مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ)) . فليس للقلوب قرار ولا طمأنينة ولا هناءة ولا لذة ولا سعادة إلا بذكر الله تعالى " الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ " 

ذكر الله تعالى هو الفرج بعد الشدَّة ، واليسر بعد العسر ، وفيه تفريج الكربات ، فما عولج كربٌ ولا أزيلت شدَّةٌ بمثل ذكر الله تبارك وتعالى ، وقد كان نبينا عليه الصلاة والسلام يقول في الكرب : ((لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ )) . 

بذكر الله يحفظ الله العبد من عدوه ومكائده وهو الشيطان الرجيم، قال تعالى : وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ، إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ"

إِذَا دَخَلَ الْمَرْءُ بَيْتَهُ فَذَكَرَ اللَّهَ؛ نَعِمَ أَهْلُ الْبَيْتِ بِالْحَيَاةِ الْهَانِئَةِ الطَّيِّبَةِ، وَبِالطُّمَأْنِينَةِ وَالسَّكِينَةِ، لأَنَّ الشَّيَاطِينَ قَدْ طُرِدَتْ وَوَلَّتْ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم :« إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَذَكَرَ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ: لاَ مَبِيتَ لَكُمْ وَلاَ عَشَاءَ. وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ. وَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ». 

وَصَدَقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذْ يَقُولُ :« مَثَلُ الْبَيْتِ الَّذِي يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ وَالْبَيْتِ الَّذِي لاَ يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ». فَإِذَا خَرَجَ الإِنْسَانُ مِنْ بَيْتِهِ فَذَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى عِنْدَ خُرُوجِهِ هَدَاهُ اللَّهُ إِلَى مَا فِيهِ الْخَيْرُ لَهُ، وَكَفَاهُ مَا أَهَمَّهُ، وَوَقَاهُ مِنْ شُرُورِ غَيْرِهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :« إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ، لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ. يُقَالُ حِينَئِذٍ: هُدِيتَ وَكُفِيتَ وَوُقِيتَ، فَتَتَنَحَّى لَهُ الشَّيَاطِينُ، فَيَقُولُ لَهُ شَيْطَانٌ آخَرُ: كَيْفَ لَكَ بِرَجُلٍ قَدْ هُدِيَ وَكُفِيَ وَوُقِيَ» فَأَصْبَحَ مِنَ الْمُطْمَئِنِّينَ، وَبِعِنَايَةِ اللَّهِ مِنَ الْمَحْفُوظِينَ، وَ« إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ، لَنْ يَزَالَ مَعَكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلاَ يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ»

وقال النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم-  « إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ يَعْمَلَ بِهَا وَيَأْمُرَ بَنِى إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهَا ... فَجَمَعَ النَّاسَ فِى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَامْتَلأَ الْمَسْجِدُ وَقَعَدُوا عَلَى الشُّرَفِ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِى بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ أَعْمَلَ بِهِنَّ وَآمُرَكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا بِهِنَّ : وذكر منهن " وَآمُرُكُمْ أَنْ تَذْكُرُوا اللَّهَ فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ خَرَجَ الْعَدُوُّ فِى أَثَرِهِ سِرَاعًا حَتَّى إِذَا أَتَى عَلَى حِصْنٍ حَصِينٍ فَأَحْرَزَ نَفْسَهُ مِنْهُمْ كَذَلِكَ الْعَبْدُ لاَ يُحْرِزُ نَفْسَهُ مِنَ الشَّيْطَانِ إِلاَّ بِذِكْرِ اللَّهِ 

عباد الله : إن فضائل الذكر كثيرة جدا ولا يتسع المقام لذكرها، فاجتهدوا رحمكم الله في ذكر ربكم، فإن في قلب العبد حاجة وخلة لا يسدها شيء إلا ذكر الله، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه.


الخطبة الثانية : روى الإمام أحمد في المسند وغيره عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِنَّ شَرَائِعَ الإِسْلاَمِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَىَّ فَأَنْبِئْنِى مِنْهَا بِشَىْءٍ أَتَشَبَّثُ بِهِ ، وفي رواية قال : " فبَابٌ نَتَمسَّكُ به جامعٌ"  فقَالَ صلى الله عليه وسلم « لاَ يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ». 
فعلى  العبد المسلم أن يذكر الله بنية خالصة مستحضرا لعظمة الله حاضر القلب ، يقول ابن القيم رحمه الله " وأفضل الذكر وأنفعه ما واطأ فيه القلب اللسان ، وكان من الأذكار النبوية وشهد الذاكر معانيه ومقاصده " ، ولذلك فمن النافع جدا للذاكر أن يتعرف على معاني الأذكار ليستشعر دلالاتها فتستقر في القلب وتثمر ثمارها المرجوة ، وعدم معرفة معاني الأذكار تورث هجر الذكر وتركه .

واعلموا رحمكم الله : أن فضائل الذكر لا تتحصل للعبد المسلم إلا بشرطين هما إخلاص الذكر لله، ثم متابعة النبي صلى الله عليه وسلم فيه، فمن أدى ذكر الله على غير هدي النبي صلى الله عليه وسلم لم يقبل منه لقوله صلى الله عليه وسلم: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد.

واعلموا رحمكم الله  أن فضيلة الذكر غير منحصرة في التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير ونحوها بل كل عامل لله تعالى بطاعة فهو ذاكر لله، قال عطاء " مجالس الذكر هي مجالس الحلال والحرام : كيف تشتري وتبيع وتصلي وتصوم وتنكح وتطلق وتحج وأشباه ذلك " 
فيدخل في مجالس الذكر حضور مجالس تعليم العلم كحلقات تحفيظ القرآن والتجويد ، ودروس الفقه ،التي يدرس فيها أحكام العبادات والعقائد ، والمحاضرات الشرعية ونحوها.

ولمجالس الذكر فضائل عظيمة ومن ذلك ما رواه روى البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَنَادَوْا هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ قَالَ فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا . قَالَ : فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ مِنْهُمْ مَا يَقُولُ عِبَادِي ؟ قَالُوا : يَقُولُونَ يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيُمَجِّدُونَكَ . قَالَ فَيَقُولُ هَلْ رَأَوْنِي ? قَالَ فَيَقُولُونَ لَا وَاللَّهِ مَا رَأَوْكَ . قَالَ فَيَقُولُ وَكَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي ؟ قَالَ يَقُولُونَ :لَوْ رَأَوْكَ كَانُوا أَشَدَّ لَكَ عِبَادَةً وَأَشَدَّ لَكَ تَمْجِيدًا وَتَحْمِيدًا وَأَكْثَرَ لَكَ تَسْبِيحًا . قَالَ يَقُولُ فَمَا يَسْأَلُونِي ؟ قَالَ يَسْأَلُونَكَ الْجَنَّةَ ،قَالَ : يَقُولُ وَهَلْ رَأَوْهَا قَالَ : يَقُولُونَ لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا قَالَ : يَقُولُ فَكَيْفَ لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا قَالَ:  يَقُولُونَ لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ عَلَيْهَا حِرْصًا وَأَشَدَّ لَهَا طَلَبًا وَأَعْظَمَ فِيهَا رَغْبَةً قَالَ : فَمِمَّ يَتَعَوَّذُونَ قَالَ : يَقُولُونَ مِنْ النَّارِ قَالَ : يَقُولُ وَهَلْ رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُونَ لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُ فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُونَ لَوْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ مِنْهَا فِرَارًا وَأَشَدَّ لَهَا مَخَافَةً قَالَ فَيَقُولُ فَأُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ قَالَ : يَقُولُ مَلَكٌ مِنْ الْمَلَائِكَةِ فِيهِمْ فُلَانٌ لَيْسَ مِنْهُمْ إِنَّمَا جَاءَ لِحَاجَةٍ قَالَ هُمْ الْجُلَسَاءُ لَا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ  .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق