الخميس، 12 فبراير 2015

الابتكار وإقامة الحضارة على وفق شرع الله

الخطبة الأولى : اعلموا رحمكم الله أن الله عز وجل قد كَرَّمَ الإِنْسَانَ، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِ غَايَةَ الإِحْسَانِ، قَالَ تَعَالَى:( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً). قال ابن كثير في تفسير الآية: "يخبر تعالى عن تشريفه لبني آدم، وتكريمه إياهم، في خلقه لهم على أحسن الهيئات وأكملها ..وجعل لهم سمعا وبصرا وفؤادا، ليفقهوا بذلك كله وينتفعوا به، ويفرقوا بين الأشياء، ويعرفوا منافعها وخواصها ومضارها في الأمور الدنيوية والدينية" ا.هـ ، وَإِنَّ مِنْ أَفْضَلِ مَا تَمَيَّزَ بِهِ الإِنْسَانُ عَنْ غَيْرِهِ نِعْمَةَ العَقْلِ. فَهُوَ هِبَةٌ عَظِيمَةٌ، وَمِنْحَةٌ جَزِيلَةٌ.

وَلَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِإِعْمَالِ الْعَقْلِ وَالتَّفْكِيرِ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ:( قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ). فَطُوبَى لِمَنْ أَعْمَلَ عَقْلَهُ، وَوَسَّعَ مَدَارِكَهُ، وَزَادَ مِنْ عِلْمِهِ، وَارْتَقَى بِمَهَارَاتِهِ، وَوَظَّفَ مَوَاهِبَهُ، وَتَخَلَّقَ بِالأَخْلاَقِ الْجَمِيلَةِ، وَتَحَلَّى بِالصِّفَاتِ النَّبِيلَةِ؛ لِيُصْبِحَ إِنْسَانًا يَنْفَعُ وَلاَ يَضُرُّ، وَيُعَمِّرُ وَلاَ يُدَمِّرُ، وَيَبْنِي وَلاَ يَهْدِمُ، وَيُحَقِّقُ الْخَيْرَ لِنَفْسِهِ وَمُجْتَمَعِهِ وَوَطَنِهِ وَالإِنْسَانِيَّةِ جَمْعَاءَ، قَالَ تَعَالَى:( وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ)

أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ: لَقَدْ دَعَانَا رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى النَّظَرِ والتفكر فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ فَقَالَ:( قُلِ انظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ) وقال سبحانه : "أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ"  فيستدلوا منها على وحدانية الله تعالى وقدرته وأنه هو المستحق للعبادة وحده دون سواه، وأن يدْرُسُوا مَا فِيهَا، وَيسْتَفِيدُوا مِنْ قَوَانِينِهَا وأنظمتها فيسخروها لمعيشتهم وراحتهم.

 كَمَا أَمَرَنَا أَنْ نَدْرُسَ أَحْوَالَ الأُمَمِ السَّابِقَةِ بالنظر في قصصهم وأخذ العبرة مما وقع عليهم، قال تعالى : " لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ" فنَسْتَفِيدَ مِنْ إِيْجَابِيَّاتِهِمْ، ونقتدي بالصالحين منهم، وَنَتَجَنَّبَ وما وقعوا فيه من الكفر بالله والإشراك به، فيزداد إيماننا بربنا ونولد أَفْكَارًا جَدِيدَةً، نُطَوِّرُ مِنْ خِلاَلِهَا حَيَاتَنَا، وَنَبْتَكِرُ حُلُولاً أَفْضَلَ لِمُشْكِلاَتِنَا، لِنَصِلَ بِهَذَا الإِبْدَاعِ الإِنْسَانِيِّ الرَّاقِي إِلَى الرِّيَادَةِ الْحَضَارِيَّةِ، فَبِالإِبْدَاعِ وَالابْتِكَارِ تَزْدَهِرُ الْحَيَاةُ، وَتُعَمَّرُ الأَرْضُ، وَتُبْنَى الْحَضَارَةُ على وفق شرع الله سبحانه وتعالى .

عِبَادَ اللَّهِ: لَقَدْ حَرَصَ نَبِيُّنَا صلى الله عليه وسلم عَلَى تَنْمِيَةِ مَلَكَةِ التَّفْكِيرِ وَالإِبْدَاعِ لَدَى أَصْحَابِهِ الكِرَامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم  قَالَ:« إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لاَ يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَهِيَ مَثَلُ المُسْلِمِ، حَدِّثُونِي مَا هِيَ؟». فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ البَادِيَةِ، وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، فَاسْتَحْيَيْتُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنَا بِهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:« هِيَ النَّخْلَةُ». فَحَدَّثْتُ أَبِي بِمَا وَقَعَ فِي نَفْسِي، فَقَالَ:« لَأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِي كَذَا وَكَذَا».

وَكَانَ صلى الله عليه وسلم يَسْتَخْرِجُ الْمَوَاهِبَ، وَيَقُومُ بِرِعَايَتِهَا وَتَحْفِيزِ أَصْحَابِهَا، فعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:« يَا أَبَا الْمُنْذِرِ، أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ؟». قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ:« يَا أَبَا الْمُنْذِرِ أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ؟» قُلْتُ:( اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) قَالَ: فَضَرَبَ فِي صَدْرِي، وَقَالَ:« وَاللَّهِ لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ».

وَعِنْدَمَا أَشَارَ سَلْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِحَفْرِ الْخَنْدَقِ حِمَايَةً لِلْمَدِينَةِ سَارَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى تَبَنِّي هَذِهِ الفِكْرَةِ الْمُبْتَكَرَةِ وَتَطْبِيقِهَا، فَكَانَ مَنْهَجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رِعَايَةَ الأَفْكَارِ الْمُبْتَكَرَةِ الْمُفِيدَةِ، وَاحْتِضَانَ الطَّاقَاتِ الإِبْدَاعِيَّةِ النَّافِعَةِ، حَتَّى تَنَوَّعَتِ الْمَوَاهِبُ وَتَعَدَّدَتْ، وَانْطَلَقَ مَبْدَأُ التَّفْكِيرِ الْبَنَّاءِ، وَأَقْبَلَ النَّاسُ عَلَى القِرَاءَةِ وَالتَّعْلِيمِ، وَانْبَثَقَ فَجْرُ الْحَضَارَةِ الإِسْلامِيَّةِ فِي وَقْتٍ يَسِيرٍ، وَنَجَحَ الْمُسْلِمُونَ فِي بِنَاءِ حَضَارَةٍ عَظِيمَةٍ عَرِيقَةٍ مُتَمَيِّزَةٍ فِي مُخْتَلَفِ الْمَجَالاَتِ، وَابْتَكَرُوا العَدِيدَ مِنَ العُلُومِ وَالْمَعَارِفِ الإِبْدَاعِيَّةِ الْجَدِيدَةِ، وَبَرَعُوا فِي عِلْمِ الطِّبِّ وَالرِّيَاضِيَّاتِ وَالْهَنْدَسَةِ وَالفِيزْيَاءِ وَالفَلَكِ وَغَيْرِهَا، فَضْلاً عَنْ عِلْمِ التَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ وَالفِقْهِ وَأُصُولِهِ، وَعُلُومِ العَرَبِيَّةِ وَغَيْرِهَا، مُحَقِّقِينَ فِي ذَلِكَ قَوْلَهُ تَعَالَى:( هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا). أَيْ: جَعَلَكُمْ فِيهَا عُمَّارًا تُعَمِّرُونَهَا وَتَسْتَغِلُّونَهَا ،وَكَانَتْ ثَمَرَةُ هَذَا الإِبْدَاعِ وَالابْتِكَارِ تَحْقِيقَ الْخَيْرِ وَالرُّقِيِّ لِلْعَالَمِ بِأَسْرِهِ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَمِنْ صُوَرِ الإِبْدَاعِ التَّخْطِيطُ وَالإِعْدَادُ لِلْمُسْتَقْبَلِ، كَمَا أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ الله في القُرْآن الكَرِيمُ، فَهَذَا يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلامُ جَنَّبَ قَوْمَهُ مَصَاعِبَ السَّنَوَاتِ الصَّعْبَةِ بِالتَّخْطِيطِ الْجَيِّدِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى في قصة يوسف عليه السلام:( قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّا تَأْكُلُونَ* ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّا تُحْصِنُونَ* ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ). فَيَا فَوْزَ مَنِ اسْتَفَادَ مِنْ وَاقِعِهِ، وَخَطَّطَ لِمُسْتَقْبَلِهِ، فَحَظِيَ بَخَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ. وفي الأثر: "اعمل للدنيا, كأنك تعيش أبدا، واعمل لآخرتك , كأنك تموت غدا " فَاللُهَمَّ يَسِّرْ لَنَا أَسْبَابَ الْخَيْرِ وَالرَّشَادِ، وَأَعِنَّا عَلَى الرُّقِيِّ وَالسَّدَادِ


الخطبة الثانية : عباد الله الحضارة والتطور والإبداع  الحقيقي الصحيح هو الذي يعود نفعه على الأفراد والمجتمعات، وهو الذي يرتكز على ركائز من أهمها العقيدة الصحيحة والعلم النافع والأخلاق في التعامل. وبدونها تتحول الحضارة والتطور إلى حقارة ومعاول هدم تهدم في كيان الأمة .
وإلا ما فائدة حضارة ينحدر فيها مستوى الإنسان إلى العبودية لغير الله ليصبح عبد ديناره ودرهمه، عبد شهوته ومادته ورغبته، فيسقط في التعاسة والانتكاسة كما تعست وانتكست البشرية التي تسيطر عليها هذه المدنية المعاصرة، يقول رسول الهدى صلى الله عليه وسلم: ((تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ إِنْ أُعْطِىَ رَضِىَ وَإِنْ مُنِعَ سَخِطَ تَعِسَ وَانْتَكَسَ وَإِذَا شِيكَ فَلاَ انْتَقَشَ))
ما فائدة تقدم مادي لا يقوم على الأخلاق واحترام الإنسان، وإنما شعاره الغاية تبرر الوسيلة، والمادة هي الغاية الكبرى.

لقد قامت حضارة الإسلام على مبادئ عظيمة بها حققت أعلى المقامات، حتى أقبل عليها العالم ينهل منها، ومن أولى تلك الركائز العقيدة الصحيحة المبنية على توحيد الله وإقامة العبودية له وحده دون سواه كما قال تعالى "وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ"

ومن تلكم الركائز الترغيب في طلب العلم النافع والازدياد منه، قال تعالى " وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا" ، فبالعلم النافع ترقى الأمم وتسعد، وأول ما يطلبه المسلم هو علم دينه الذي يتعبد ربه به، لأن من متطلبات التمكين في الأرض وإقامة الحضارة عبادة الله تعالى كما قال سبحانه " الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ "، وهذا لا يكون إلا بالعلم الشرعي .

ومتى ما خلت العلوم الدنيوية من العلوم الشرعية صارت وبالا على صاحبها وعلى المجتمع، وقد عاب الله على من أقبل على علوم الدنيا وترك علوم الدين قال تعالى " وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ، يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ"فوصف رب العزة أكثر الناس بعدم العلم، مع إثبات علمهم بأمور الدنيا، فدل على أن العلم الحقيقي هو العلم الشرعي الذي يضبط العلم الدنيوي .
أيها المسلمون: ومن تلكم الركائز التي قامت عليها الحضارة الإسلامية الأخلاق في التعامل، فهي حضارة تحترم النفس البشرية دون تمييز عنصري كما قال تعالى " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ"

حتى في الحروب التي تراق فيها الدماء ويظهر فيها العداء أمرنا ديننا الحنيف أن نتخلق بأخلاق الإسلام، قال تعالى " وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ" ، وقال صلى الله عليه وسلم: (أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ وَلاَ تَخُنْ مَنْ خَانَكَ ) ، ومن وصايا أبي بكر الصديق رضي الله عنه لجيش أسامه : (لا تمثلوا، ولا تغدروا، ولا تغلوا، ولا تقتلوا شيخًا ولا وليدًا ولا امرأة، ولا تعقروا نخلاً ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيرًا إلا لمأكله، وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له)

بهذه الركائز تسمو المجتمعات، ويُعز الأفراد، وينتفع الناس، ويسخر الإنسان الضعيف ما وهبه الله من إمكانات لخدمة البشرية وإقامة العبودية لله .

عباد الله : إن الدين الإسلامي يدعو إلى الإبداع والابتكار في أمور الدنيا، ولا يمنع من الاستفادة من الحضارات الأخرى، بشرط عدم تعارضها مع شرعنا الإسلامي.

لكن على المسلم أن لا يغتر بحضارة غير المسلمين، لأنها حضارة ظاهرها التطور والصلاح وباطنها من قبلها الفساد والانحلال والدمار، لأنها لم تبن على عقيدة تؤمن بالله ربا، ولا تؤمن بالأخلاق تعاملا، بل هدفها وغايتها تحقيق الربح المادي ولو كان على حساب الدين والأفراد والأخلاق .
وأما حضارتنا الإسلامية فهدفها الأول إقامة العبودية لله تعالى، وتسخير ما في الكون من مخلوقات الله لخدمة البشرية وسعادتهم، من أجل أن يقوموا بتوحيد الله على أكمل وجه .

وأما ما نعيشه اليوم من ذل وهوان وتخلف على الصعيد العلمي والتقدم الحضاري فبسبب إعراضنا عن دين الله تعالى قال صلى الله عليه وسلم:  (وَجَعَلَ الذِّلَّةَ وَالصَّغَارَ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي ) وقال الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة " لن يصلح آخر هذه الأمة إلى ما أصلح أولها"


فأقبلوا على دينكم، ووحدوا ربكم، والتزموا هدي نبيكم صلى الله عليه وسلم، وتعلموا العلم النافع، مع إخلاص لله ومتابعة، يتحقق لكم التمكين في الأرض، وتسموا على غيركم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق