الخميس، 7 يناير 2016

خطبة جمعة : تحمل المسؤولية

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى الإِنْسَانَ، وَجَعَلَهُ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ، وَمَنَّ عَلَيْهِ بِالْعَقْلِ وَالإِرَادَةِ، وَسَخَّرَ لَهُ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا؛ لِيَقُومَ بِوَاجِبِ إِعْمَارِهَا وَبِنَائِهَا، قَالَ تَعَالَى:( وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).  وَحَتَّى يُحْسِنَ الإِنْسَانُ أَدَاءَ الأَمَانَةِ الَّتِي حَمَّلَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِيَّاهَا، فَلاَ بُدَّ أَنْ يَتَمَتَّعَ بِالْقُدْرَةِ عَلَى الْجَلَدِ وَالتَّحَمُّلِ، وَالاِسْتِمْرَارِ بِفَاعِلِيَّةٍ فِي الأَدَاءِ، وَالإِحْسَانِ وَالإِتْقَانِ، الَّذِي حَثَّنَا عَلَيْهِ نَبِيُّنَا صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ:« إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ الْعَبْدُ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ». وَإِنَّ الإِتْقَانَ الَّذِي يُحِبُّهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْعَمَلِ يَتَطَلَّبُ مِنَ الإِنْسَانِ تَحَمُّلَ الْمَصَاعِبِ وَالْمَشَاقِّ، وَالصُّمُودَ لِتَحْقِيقِ أَهْدَافِهِ بِرُغْمِ التَّحَدِّيَاتِ، وَمُوَاجَهَةَ ضُغُوطَاتِ الْحَيَاةِ، وَحَمْلَ النَّفْسِ عَلَى الْمَكَارِهِ وَالصُّعُوبَاتِ، وَالتَّغَلُّبَ عَلَى الشَّهَوَاتِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم« حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ، وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ». 
عباد الله : روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ، فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته ،  والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته ، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده وهي مسؤولة عنهم ، وعبد الرجل راع على مال سيده وهو مسؤول عنه ،ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته –"
فببين لنا نبينا صلوات الله وسلامه عليه في هذا الحديث المسؤوليات الملقاة على العباد مبتدأ بأعلى المسؤوليات وهي مسؤولية الإمام والحاكم ومنهيا بمسؤولية العبد والخادم لتعلم أيها المسلم " أن كل من كان تحت نظره شيء فهو مطالب بالعدل فيه والقيام بمصالحه في دينه ودنياه " فلا يخلو عبد من مسؤولية ، فالناس على اختلاف مستوياتهم المعيشية والوظيفية عليهم مسؤوليات يجب عليهم أن يقوموا بها على أكمل وجه و إلا حاسبهم الله عز وجل، ويدخل في هذه المسؤولية العبد المنفرد الذي لا زوج له ولا خادم ولا ولد ، فإنه راع على جوارحه حتى يعمل بالمأمورات التي أمر الله بها ورسوله ، ويجتنب المنهيات التي نهى الله عنها ورسوله
عباد الله :إن هذه التوجيهات النبوية هي أصل من الأصول التي يقوم عليها المجتمع في وقتنا المعاصر ، فمتى استشعر العبد مسؤوليته أمام الله ، قام بالأمر الموكل إليه خير قيام دون رقيب أو محاسبة، وإذا ما حصل ذلك فإن النتيجة هي بناء مجتمع قوي منيع متماسك يسوده العدل في الحكم والمعاملة، وإذا ما أهمل كل مسئول لمسؤوليته واهتم برغباته الشخصية ومنافعه الخاصة تفككم المجتمع وساد الظلم بين الناس.
أَيُّهَا الْمُصَلُّونَ: ومن المسؤوليات الملقاة على العبد مسؤولية الدعوة إلى الله، ولَقَدْ تَحَمَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَشَاقَّ وَالْمَتَاعِبَ فِي هِدَايَةِ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَصَبَرَ عَلَى إِيذَاءِ قَوْمِهِ طِيلَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَقَدْ آذَوْهُ أَشَدَّ الإِيذَاءِ، ثُمَّ آذَوْهُ فِي أَهْلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَقَاطَعُوا عَشِيرَتَهُ جَمِيعًا؛ حَتَّى اضْطَرُّوهُمْ إِلَى الإِقَامَةِ فِي شِعْبِ أَبِي طَالِبٍ ثَلاَثَ سِنِينَ، أَكُلَوا فِيهَا أَوْرَاقَ الشَّجَرِ وَهُمْ مُتَحَمِّلُونَ صَابِرُونَ، وَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَابِرًا، مُتَحَمِّلاً مُثَابِرًا، فَمَا فَارَقَ الدُّنْيَا حَتَّى أَدَّى الأَمَانَةَ، وَوَحَّدَ النَّاسَ، وَحَقَنَ دِمَاءَهُمْ، وَصَانَ أَعْرَاضَهُمْ، وَحَفِظَ حُقُوقَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، فَأَتَمَّ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ الأَمْرَ، وَخَتَمَ بِهِ الرِّسَالاَتِ، وَهَكَذَا يَقْتَدِي الْمُسْلِمُ بِسَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَيَتَحَلَّى بِالصَّبْرِ وَالتَّحَمُّلِ، وَيُقَابِلُ الإِسَاءَةَ بِالإِحْسَانِ، وَيُوَاجِهُ الْغِلْظَةَ بِالْعَفْوِ وَالْغُفْرَانِ، فَقَدْ كَانَ نَبِيُّنَا صلى الله عليه وسلم وَاسِعَ الصَّدْرِ، حَسَنَ الْعِشْرَةِ، طَيِّبَ الْقَوْلِ، لَطِيفَ الْمُعَامَلَةِ، رَؤُوفًا رَحِيمًا، لاَ يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ؛ فَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ رِدَاءٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ، فَجَبَذَهُ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً، نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عُنُقِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ، مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَضَحِكَ، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ. 
ومن المسؤوليات الملقاة على العبد مسؤولية الأسرة فيَتَحَمَّلُ الْوَالِدَانِ الْمَسْؤُولِيَّةَ فِي الْحَيَاةِ الأُسَرِيَّةِ، فَيَتَعَامَلاَنِ بِثَبَاتِ قَلْبٍ، وَقُوَّةِ إِرَادَةٍ، وَحُسْنِ تَدْبِيرٍ، لِلْحِفَاظِ عَلَى تَلاَحُمِ الأُسْرَةِ، وَتَمَاسُكِ بُنْيَانِهَا، فَيَتَحَمَّلُ كُلٌّ مِنْهُمَا ضُغُوطَ الْحَيَاةِ وَمَشَاقِّهَا، مَعَ التَّحَلِّي بِالصَّبْرِ فِي تَرْبِيَةِ الأَوْلاَدِ، وَتَوْجِيهِ سُلُوكِهِمْ، وَتَصْوِيبِ أَخْطَائِهِمْ.
قال الله تعالى آمرا الرجال بصيانة الأسر وحمايتها عن سبل الهلاك " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ" قال أهل التفسير " ووقاية الأهل والأولاد بتأديبهم وتعليمهم وإجبارهم على أمر الله ، فلا يسلم العبد إلا إذا قام بما أمر الله به في نفسه وفيما يدخل تحت ولايته من الزوجات والأولاد وغيرهم ممن هو تحت ولايته وتصرفه " أ هـ

من المسؤوليات التي قررها النبي صلى الله عليه وسلم على أفراد المجتمع قوله " والمرأة راعية على بيت زوجها وولده وهي مسؤولة عنهم "  فالمرأة مسئولة أولا عن نفسها بأن تؤدي حق الله عليها بأداء ما فرضه الله وأن تنتهي عما نهاها عنه فتكن بذلك من أهل الفوز والسعادة ، قال صلى الله عليه وسلم (إِذَا صَلَّتْ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ ) ، ثم تأتي مسئولية طاعة الزوج ، فإن أعظم الناس على المرأة حقا بعد حق الله عز وجل هو الزوج قال النبي صلى الله عليه وسلم ( لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها ) ، ومن مسؤولية المرأة في الإسلام مشاركتها لزوجها في تربية الأبناء وإعدادهم الإعداد السليم ليتحملوا أمانة الخلافة في الأرض . .

ومن المسؤوليات الملقاة على العبد مسؤولية الوظيفة، ولقد أمرتنا الشريعة الغراء بإتقان العمل الذي يكسب منه المسلم رزقه ، وعدم إضاعته والتهاون فيه ، بل على المسلم أن يجدّ في عمله ، لأن الأجر الذي يستوفيه نظير ما يقوم به من عمل هو مقابل هذا العمل ، فإن كان عمله ناقصا ، أو أحدث فيه غشا أو خيانة ، فلا يستحق العامل كامل الأجر ، بل قد لا يستحق الأجر كله ، وإن أخذه كان أخذه إياه بالحرام والسحت وأكل أموال الناس بالباطل.
ومن مسؤولية الموظف الإحسان إلى الناس، قال صلى الله عليه وسلم: ((اللهم من ولى من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولى من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به)) فالمسوؤل الذي يُوقع الناس في المشقة بالإساءة إليهم ومنعهم من حقوقهم وتحميلهم ما لا يطيقون معرض نفسه لدعاء النبي صلى الله عليه وسلم .

وَلَقَدْ بَرَزَ مَعْنَى التَّحَمُّلِ فِي مَسِيرَةِ مُؤَسِّسِ دَوْلَتِنَا الشَّيْخِ/ زايد بن سلطان آل نهيان طَيَّبَ اللَّهُ ثَرَاهُ، الَّذِي تَحَمَّلَ الْمَسْؤُولِيَّةَ حَتَّى غَدَتْ دَوْلَتُنا دَوْلَةً قَوِيَّةً شَامِخَةً يَنْعَمُ شَعْبُهَا بِالسَّعَادَةِ وَالرَّخَاءِ.
ولا نَنْسى في هذا المـَقامِ أنْ نَتَوَجَّهَ بالشُّكرِ لِقِيَادَتِنَا الرَّشِيدَةِ الَّتِي تَحَمَّلَتْ مَسْؤُولِيَّاتِهَا فِي بِنَاءِ هَذَا الْوَطَنِ، وَتَقْدِيمِ أَرْقَى الْخَدَمَاتِ لِشَعْبِهَا، فَمِنْ نِعَمِ اللَّهِ عَلَيْنَا أَنْ وَهَبَنَا قِيَادَةً حَكِيمَةً رَشِيدَةً، تُقِيمُ الْعَدْلَ فِينَا، وَتَرْعَى مَصَالِحَنَا، وَتَسْهَرُ عَلَى رَاحَتِنَا، وَتُهَيِّئُ لَنَا سُبُلَ الْعَيْشِ الْكَرِيمِ، فِي رخاءٍ واسْتِقْرَارٍ وَأَمَانٍ، وَقَدْ تَوَجَّهَ صَاحِبُ السُّمُوِّ الشَّيْخُ/ خليفة بن زايد آل نهيان رَئِيسُ الدَّوْلَةِ حَفِظَهُ اللَّهُ بِالشُّكْرِ وَالتَّقْدِيرِ إِلَى أَخِيهِ صَاحِبِ السُّمُوِّ الشَّيْخِ/ محمد بن راشد آل مكتوم نَائِبِ رَئِيسِ الدَّوْلَةِ، رَئِيسِ مَجْلِسِ الْوُزَرَاءِ، حَاكِمِ دُبَي رَعَاهُ اللَّهُ بِمُنَاسَبَةِ مُرُورِ عَشْرِ سَنَوَاتٍ عَلَى حُكْمِهِ وَحُكُومَتِهِ، قَامَ خَلاَلَهَا بِتَوْفِيقٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بتَحْقِيقِ النَّجَاحَاتِ وَالإِنْجَازَاتِ، وَإِطْلاَقِ الْعَدِيدِ مِنَ الْمُبَادَرَاتِ الْوَطَنِيَّةِ الْمُتَمَيِّزَةِ الَّتِي تُسْعِدُ الشَّعْبَ، وَتَخْدِمُ الْوَطَنَ.


الخطبة الثانية : عباد الله :  في قول النبي صلى الله عليه وسلم: " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" تأصيل لمبدأ تحمل المسؤولية على جميع أفراد المجتمع، وهذه المسؤولية أمانة تحملها الإنسان، ومن ثم فإنه سيحاسب عليها، فالعبد مسؤول يوم القيامة على هذه المسؤوليات التي ألقيت على عاتقه هل أحسن فيها أم ضيع ، قال النبي صلى الله عليه وسلم :"إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ أم ضيع حتى يسأل الرجل عن أهل بيته" "ومن ذلك أيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم :لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه وعن علمه ما عمل به وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن جسمه فيما أبلاه"

وقالَ سبحانه: (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ)، وسَتَنْطِقُ أعضاؤُكَ، وستشهدُ عليكَ أَمامَ ربِّكَ جَلَّ جلالُهُ، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَحِكَ، فَقَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مِمَّ أَضْحَكُ؟» قَالَ قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «مِنْ مُخَاطَبَةِ الْعَبْدِ رَبَّهُ، يَقُولُ: يَا رَبِّ أَلَمْ تُجِرْنِي مِنَ الظُّلْمِ؟ قَالَ: يَقُولُ: بَلَى، قَالَ: فَيَقُولُ: فَإِنِّي لاَ أُجِيزُ عَلَى نَفْسِي إِلاَّ شَاهِدًا مِنِّي، قَالَ: فَيَقُولُ: كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ شَهِيدًا، وَبِالْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ شُهُودًا، قَالَ: فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ، فَيُقَالُ لأَرْكَانِهِ: انْطِقِي، قَالَ: فَتَنْطِقُ بِأَعْمَالِهِ، قَالَ: ثُمَّ يُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَلاَمِ، قَالَ فَيَقُولُ: بُعْدًا لَكُنَّ وَسُحْقًا، فَعَنْكُنَّ كُنْتُ أُنَاضِلُ».

واللهُ سبحانه هو العليمُ الخبير، السَّميعُ البصير، الذي لا تَخْفى عليهِ خافيةٌ في الأرضِ ولا في السماء، يعلمُ خائنةَ الأعينِ وما تُخفي الصُّدور، فاحْذَرْ أن يطَّلِعَ عليكَ وأنت تَعْصِيه، وكُنْ مُدَاوِماً على فعل ما يُحبُّهُ ويُرْضِيه.

وكُنْ مُسارعاً إلى التَّوبةِ مُواظباً على الاستغفار، وطلبِ العَفْوِ والصَّفْحِ من العَزِيزِ الغَفّار.

عباد الله: لقد حذَّرَنا ربُّنا عزّ وجلَّ في كتابهِ فقال: (وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ) ؛ قال الفُضَيْلُ ابنُ عِياضٍ: "أَتَوْا بأَعْمالٍ ظَنُّوها حَسَنات، فإذا هِيَ سَيِّئات".
فاحرِصْ على الإخلاصِ في عباداتِكَ وطاعاتِكَ، وكُنْ لها مُخْفِياً، واحْذَرِ الرِّياءَ والتطلُّعَ إلى ثناءِ الناسِ ومَديحِهم، وكن في عباداتِكَ مُتَّبِعاً سُنَّةَ نَبِيِّكَ صلى الله عليه وسلم وهَدْيَهُ، بذلك تُقْبَلُ أعمالُكَ عندَ اللهِ تعالى، فتكونَ من النَّاجِين المـُفْلِحِين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق