الجمعة، 11 سبتمبر 2015

خطبة جمعة : فضل الشهادة في سبيل الله

الخطبة الأولى : قال تعالى "إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَ‍قًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ"

يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ عَاوَضَ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ إِذْ بَذَلُوهَا فِي سَبِيلِهِ بِالْجَنَّةِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « تَضَمَّنَ اللَّهُ لِمَنْ خَرَجَ فِى سَبِيلِهِ لاَ يُخْرِجُهُ إِلاَّ جِهَادًا فِى سَبِيلِى وَإِيمَانًا بِى وَتَصْدِيقًا بِرُسُلِى فَهُوَ عَلَىَّ ضَامِنٌ أَنْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ أَرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِى خَرَجَ مِنْهُ نَائِلاً مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ" وَهَذَا مِنْ فَضْلِهِ وَكَرَمِهِ وَإِحْسَانِهِ، فَإِنَّهُ قَبِلَ الْعِوَضَ عَمَّا يَمْلِكُهُ بِمَا تَفَضَّلَ بِهِ عَلَى عِبَادِهِ الْمُطِيعِينَ لَهُ؛ وَلِهَذَا قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَقَتَادَةُ: بَايَعَهُمْ وَاللَّهِ فَأَغْلَى ثَمَنَهُمْ.

عباد الله : إن فضل الجهاد في سبيل الله عظيم جدا، ومن تلكم الفضائل أنه سبب من أسباب نيل الشهادة في سبيله، التي تعتبر من أعلى المقامات وأرفع الدرجات عند الله سبحانه وتعالى، ولأجل ذلك تمناها النبي صلى الله عليه وسلم مع علو مرتبة الرسالة، قال صلى الله عليه وسلم: "وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنِّى أُقْتَلُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ أُحْيَا ، ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا ، ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا ، ثُمَّ أُقْتَلُ " وذلك لعظيم الفضائل والكرامات التي يحصلها الشهيد.

وقد تضافرت الأدلة من الكتاب والسنة على هذه الفضائل، فمنها أنهم وإن فارقوا الدنيا بأبدانهم إلا أنهم أحياء عند ربهم يرزقون، قال تعالى :" وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ، فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ، يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ" فجمع الله لهم بين الرزق والفرح والاستبشار، وروى أبو داود في سننه عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « لَمَّا أُصِيبَ إِخْوَانُكُمْ بِأُحُدٍ جَعَلَ اللَّهُ أَرْوَاحَهُمْ فِى جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ تَرِدُ أَنْهَارَ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا وَتَأْوِى إِلَى قَنَادِيلَ مِنْ ذَهَبٍ مُعَلَّقَةٍ فِى ظِلِّ الْعَرْشِ فَلَمَّا وَجَدُوا طِيبَ مَأْكَلِهِمْ وَمَشْرَبِهِمْ وَمَقِيلِهِمْ قَالُوا : مَنْ يُبَلِّغُ إِخْوَانَنَا عَنَّا أَنَّا أَحْيَاءٌ فِى الْجَنَّةِ نُرْزَقُ لِئَلاَّ يَزْهَدُوا فِى الْجِهَادِ وَلاَ يَنْكُلُوا عِنْدَ الْحَرْبِ فَقَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ : أَنَا أُبَلِّغُهُمْ عَنْكُمْ. قَالَ : فَأَنْزَلَ اللَّهُ (وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا).

ومن تلكم الفضائل أن للشهيد عند ربه ست خصال جاءت مبينة في حديث المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه حيث قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ سِتَّ خِصَالٍ : أَنْ يُغْفَرَ لَهُ فِي أَوَّلِ دَفْعَةٍ مِنْ دَمِهِ، وَيَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَيُحَلَّى حُلَّةَ الْإِيمَانِ، وَيُزَوَّجَ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، وَيُجَارَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَيَأْمَنَ مِنَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ وَيُوضَعَ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ، الْيَاقُوتَةُ مِنْهُ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَيُزَوَّجَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، وَيُشَفَّعَ فِي سَبْعِينَ إِنْسَانًا مِنْ أَقَارِبِهِ " 

 ومن تلكم الفضائل أنه يخفف عن الشهديد مس الموت حتى إنه لا يجد من ألمه إلا كما يجد أحدنا من مس القرصة, فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما يجد الشهيد من مس القتل إلا كما يجد أحدكم من مس القرصة))

 ومنها أن دُورَ الشهداء في الجنة أحسن الدور وأفضلها, فقد أخرج البخاري في صحيحه عن سمرة بن جندب رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِى فَصَعِدَا بِى الشَّجَرَةَ ، فَأَدْخَلاَنِى دَارًا هِىَ أَحْسَنُ وَأَفْضَلُ ، لَمْ أَرَ قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهَا.قَالاَ أَمَّا هَذِهِ الدَّارُ فَدَارُ الشُّهَدَاءِ .

ومن ألوان الكرامة أيضًا أن الملائكة تظله بأجنحتها؛ فقد أخرج الشيخان في صحيحيهما عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: "جيء بأبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم-ـ أي شهيدًا يوم أحد - قد مُثل به فوضع بين يديه فذهبتُ أكشف عن وجهه فنهاني قومي فسمع, أي النبي صلى الله عليه وسلم, فسمع النبي صلى الله عليه وسلم صوت صائحة فقال: ((لما تبكين؟ فلا تبكي مازالت الملائكة تظله بأجنحتها)).

ولهذا كله كان الشهيد وحده من أهل الجنة هو الذي يحب أن يرجع إلى الدنيا كما في حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا, وأن له ما على الأرض من شيء، إلا الشهيد فإنه يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة)), وفي رواية: ((لما يرى من فضل الشهادة)) أخرجه البخاري ومسلم.

وعن جَابِر بْن عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال: لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لِي: يَا جَابِرُ مَا لِي أَرَاكَ مُنْكَسِرًا؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتُشْهِدَ أَبِي، وَتَرَكَ عِيَالاً وَدَيْنًا. قَالَ: أَفَلاَ أُبَشِّرُكَ بِمَا لَقِيَ اللَّهُ بِهِ أَبَاكَ؟ قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: مَا كَلَّمَ اللَّهُ أَحَدًا قَطُّ إِلاَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، وَأَحْيَا أَبَاكَ فَكَلَّمَهُ كِفَاحًا- أَيْ: مِنْ دُونِ حِجَابٍ- فَقَالَ: يَا عَبْدِي تَمَنَّ عَلَيَّ أُعْطِكَ. قَالَ: يَا رَبِّ تُحْيِينِي فَأُقْتَلَ فِيكَ ثَانِيَةً. قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّهُ قَدْ سَبَقَ مِنِّي أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لاَ يُرْجَعُونَ. قَالَ: وَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ:( وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: يَقُولُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:« أَرْوَاحُهُمْ فِي جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ، لَهَا قَنَادِيلُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ، تَسْرَحُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَتْ، ثُمَّ تَأْوِي إِلَى تِلْكَ الْقَنَادِيلِ، فَاطَّلَعَ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمُ اطِّلاَعَةً فَقَالَ: هَلْ تَشْتَهُونَ شَيْئاً؟ قَالُوا: أَيَّ شَيْءٍ نَشْتَهِي وَنَحْنُ نَسْرَحُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ شِئْنَا. فَفَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّهُمْ لَنْ يُتْرَكُوا مِنْ أَنْ يُسْأَلُوا قَالُوا: يَا رَبِّ نُرِيدُ أَنْ تَرُدَّ أَرْوَاحَنَا فِي أَجْسَادِنَا حَتَّى نُقْتَلَ فِي سَبِيلِكَ مَرَّةً أُخْرَى. فَلَمَّا رَأَى أَنْ لَيْسَ لَهُمْ حَاجَةٌ تُرِكُوا»

فَلْتَهْنَأْ تِلْكَ الأَرْوَاحُ الزَّكِيَّةُ بِالرَّحْمَةِ مِنَ اللَّهِ وَالْغُفْرَانِ، قَالَ تَعَالَى:( وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) قَالَ أهل التفسير: إِنَّ الْقَتْلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَسِيلَةٌ إِلَى نَيْلِ رَحْمَةِ اللَّهِ وَعَفْوِهِ وَرِضْوَانِهِ، وَذَلِكَ خَيْرٌ مِنَ الْبَقَاءِ فِي الدُّنْيَا وَجَمْعِ حُطَامِهَا الْفَانِي.

فَاللَّهُمَّ تَقَبَّلْ شُهَدَاءَنَا الأَطْهَارَ، وَارْفَعْ دَرَجَاتِهِمْ، وَاحْشُرْهُمْ مَعَ الأَبْرَارِ. 

الخطبة الثانية : لما سمع الصحابة رضوان الله عليهم تلكم الفضائل العظيمة التي ينالها المسلم إذا استشهد في سبيل الله تسابقوا لنيلها وبذلوا لأجلها أنفسهم وأموالهم، فمن ذلك ما أخرجه مسلم في صحيحه عن أنس رضي الله عنه أنه قال: انطق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حتى سبقوا المشركين إلى بدر, وجاء المشركون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يقدمن أحد منكم إلى شيء حتى أكون أنا دونكم)), فدنا المشركون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض)), فقال عمير بن الحمام: يا رسول الله إلى جنة عرضها السموات والأرض؟ قال: ((نعم)), قال: بخ بخ, قال: ((ما يحملك على قول بخ بخ)) قال: لا والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها, فقال: ((فإنك من أهلها)), فأخرج تمرات فجعل يأكل منهن, ثم قال: إن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة, فرمى ما كان معه من التمر ثم قاتل حتى قتل.
فانظروا رحمكم الله كيف استبطأ رضي الله عنه الشهادة لتأخرها عنه دقائق معدودات.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: لَقَدْ جَادَتْ دَوْلَةُ الإِمَارَاتِ الْعَرَبِيَّةِ الْمُتَّحِدَةِ بِكَوْكَبَةٍ غَالِيَةٍ مِنْ فِلْذَاتِ أَكْبَادِهَا، دِفَاعًا عَنِ الإسلام والْحَقِّ وَالْعَدْلِ، وَنُصْرَةً لِلْمَظْلُومِ، وَرَدْعًا لِلظَّالِمِ، وَإِغَاثَةً لإخوانهم المسلمين باليمن، رِجَالٌ نَشَأُوا مِنْ مَعِينِ الأَصَالَةِ، بَذَلُوا دِمَاءَهُمُ الزَّكِيَّةَ، وَسَمَتْ فِي الْعَلْيَاءِ أَرْوَاحُهُمْ الطَّاهِرَةُ؛ فَنَالُوا شَرَفَ الشَّهَادَةِ بإذن الله، فَبُشْرَاهُمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ وَزِيَادَةٌ، يَفْرَحُونَ فِيهَا وَيَتَنَعَّمُونَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ أُمَّ حَارِثَةَ بْنِ سُرَاقَةَ أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَلاَ تُحَدِّثُنِي عَنْ حَارِثَةَ؟ وَكَانَ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ أَصَابَهُ سَهْمٌ غَرْبٌ - وهو السَّهم الّذي لا يعرف راميه -، فَإِنْ كَانَ فِي الْجَنَّةِ صَبَرْتُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ اجْتَهَدْتُ عَلَيْهِ فِي الْبُكَاءِ. قَالَ:« يَا أُمَّ حَارِثَةَ، إِنَّهَا جِنَانٌ فِي الْجَنَّةِ، وَإِنَّ ابْنَكِ أَصَابَ الْفِرْدَوْسَ الأَعْلَى»

فَلْنَسْتَبْشِرْ؛ وَلْنَصْبِرْ عَلَى أَلَمِ الْفِرَاقِ، فَإِنَّ جَزَاءَ الصَّبْرِ عَظِيمٌ، قَالَ عَزَّ وَجَلَّ :( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) وَلْنَثْبُتْ عَلَى الْحَقِّ، قَالَ عَزَّ وَجَلَّ:( وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ) وَالْمَوْتُ آتٍ لاَ رَيْبَ فِيهِ، لاَ يُقَدَّمُ وَلاَ يُؤَخَّرُ، قَالَ تَعَالَى:( وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) فَمَا أَجْمَلَ أَنْ نَصْبِرَ عَلَى الْبَلاَءِ، وَنَرْضَى بِالْقَضَاءِ، فَقَدِ اصْطَفَاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى شُهَدَاءَ؛ قَالَ سُبْحَانَهُ:( وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ) فَكَتَبَ لَهُمْ بِشَهَادَتِهِمُ الذِّكْرَ الْحَسَنَ، وَالثَّنَاءَ الْجَمِيلَ فِي الدُّنْيَا، وَالسَّعَادَةَ وَالسُّرُورَ، وَالضِّيَاءَ وَالنُّورَ فِي الآخِرَةِ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:( وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ) فَحُقَّ لِأَهَالِي الشُّهَدَاءِ أَنْ يَرْفَعُوا رُؤُوسَهُمْ فَخْرًا، وَأَنْ يَعْتَزُّوا بِمَا قَدَّمُوهُ لِوَطَنِهِمْ وَأُمَّتِهِمْ، قَدَّمُوا رِجَالاً أَبْطَالاً يُحْتَذَى بِهِمْ، وَقُدْوَةً لِمَنْ يَأْتِي مِنْ بَعْدِهِمْ. 


هناك 3 تعليقات:

  1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    جزاك الله خيرا وبارك الله فيك.
    (أبوعمر )

    ردحذف
  2. جزاك الله خيراً ونفع الله بك الإسلام والمسلمين

    ردحذف